الجمعة، 27 مارس 2015

لله ثم للضمير وقفةٌ مع السيد منير "الحلقة الرابعة"

لله ثم للضمير وقفةٌ مع السيد منير "الحلقة الرابعة"

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم
تحدّث السيد منير الخباز في تسجيل مرئي عن معرفة حقيقة النفس والتي توصل الإنسان إلى معرفة حقيقة الله (كما يدّعي)! وقد أجبنا على ذلك في الحلقة الثانية من سلسلة (لله ثم للضمير وقفةٌ مع السيد منير) وبيّنا هناك أنه لا يمكن معرفة حقيقة النفس وكذلك من باب أولى لا يمكن معرفة حقيقة الله سبحانه وتعالى فيجب أن يوصف بما وصف به نفسه.
ثم ذكر السيد منير الخطوات التي يسلكها الإنسان في سبيل اكتشاف النفس بوصفها المقدمة والطريق الموصل لاكتشاف حقيقة الله!
في هذا المقال سنناقش بإذن الله تعالى الخطوة الأولى من تلك الخطوات.
كما هي عادتنا في التوثيق نطرح بين أيديكم أولاً مقطع التسجيل المرئي :
يقول السيد منير الخباز : الخطوة الأولى: أن يدرك الإنسان نقطة المنتهى، كيف يدرك نقطة المنتهى؟ نلاحظ عندنا عدة آيات قرآنية تصرح أن الإنسان يسير إلى الله وهو لا يدري، هو يسير إلى الله، كيف؟ هو لا يدري، مثلا {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ}أين أنت كادح؟! لست كادح للراتب ولا للمعاش ولا للثروة أنت مشتبه، أنت كادح إلى شيء آخر{إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} في لقاء يوم من الأيام أنت تسير نحو الله. أنت تظن أنك تسير نحو الثروة نحو المال نحو الجاه، لا أنت تسير نحو الله ? {إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} وقال في آية أخرى {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} منتهى السير هو الله. {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ}،{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}، كل إنسان هو يسير نحو الله لكن المهم أن يلتفت إلى أنه يسير نحو الله هذا هو المهم، كل إنسان هو سالك إلى الله شاء أم أبى. فالمهم أن يلتفت ويشعر أنه يسير إلى الله، أن يشعر ويلتفت أنه سالك إلى الله، هذا هو المهم. فالخطوة الأولى من خطوات معرفة النفس أن تشعر أنك تسير نحو الله، أن تشعر أنك سالك نحو الله، أن تعرف ذلك أنك في الطريق إلى الله عز وجل وأن إلى ربك المنتهى.
أقول : حددت الشريعة الإسلامية الطريق الوحيد الموصل إلى الله سبحانه وتعالى وهو طريق أهل البيت عليهم السلام, فكل الطرق الأخرى -غير طريق أهل البيت عليهم السلام -هي طرق الشيطان ومن يسلكها في النار كما جاء في حديث الافتراق, وكما أخبرنا الله سبحانه وتعالى في قوله جل وعلا {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
وقد أنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله صلى الله عليه وآله قوله {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} وعندما بلّغ النبي صلى الله عليه وآله أمته قال: (إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي, كتاب الله طرف بيد الله عز وجل وطرف بأيديكم، فاستمسكوا به ولا تضلوا، والآخر عترتي، وإنَّ اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، وسألت ذلك لهما ربي، فلا تَقَدّموهما فتهلكوا، ولا تقصِّروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم)
المصدر: روي بألفاظ متعددة, راجع بحار الأنوار,المجلسي, ج23 ص152, الغدير, الأميني, ص1 ص11 , وغيرهما.
فقد حُدّد الطريق الوحيد الموصل إلى الله تعالى بهما, فالقرآن هو الأصل وأئمة أهل البيت عليهم السلام هم الشرّاح, القرآن هو الدستور وهم المفسرون الشرعيون له القُوَّام على تطبيقه.
ولكن العرفاء خالفوا كل ذلك فقالوا : كل الطرق توصل الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى وإن الطرق إليه بعدد أنفاس الخلائق! فكل الديانات توصل الإنسان إلى الله سواءً كانت ديانة سماوية محرّفة, أم ديانة أرضية مبتدعة!
يقول الحلاج:
عَقَدَ الخَلائِقُ في الإِلَهِ عَقائِداً***وَأَنا اِعتَقَدتُ جَميعَ ما عَقَدوهُ!
وهذه هي عقيدة ابن عربي بذاتها فقد تمثّل بنفس هذا البيت في ديوانه!
المصدر: ترجمان الأشواق، ابن عربي, ص194.
وأنشأ قصيدة أخرى موافقة لقصيدة الحلاج جاء فيها :
لقد صار قلبي قابلاً كل صورة *** فمرعى لغزلان، ودير لرهبان
وبيت لأوثان، وكعبة طائف *** وألواح توراة، وصُحفٌ لقرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت *** ركائبه، فالحب ديني وإيماني.
المصدر : ترجمان الأشواق، ابن عربي,ص 44-43 .
وهي كما ترى مخالفة صريحة لكتاب الله تعالى في قوله {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
فابن عربي يريد أن يقول: لا شأن لكم بأتباع النحل والملل الأخرى وكفوا عن الدعوة إلى الإسلام ولا تقيدوا الناس بمعتقد واحد ولا تنتقدوا آلهة الآخرين فكلهم في النهاية يعبدون الله!
يقول في فتوحاته: إذا كان العارف عارفاً حقيقة لم يتقيد بمعتقد دون معتقد ولا انتقد اعتقاد أحد في ربه دون أحد.... وقد قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه في كل معتقد إذ هو عين كل معتقد!
الفتوحات المكية, ابن عربي, ج4 ص168.
فإبراهيم عليه السلام حين هزئ بالأوثان وكسرها وكذلك رسول الله صلى الله عليه وآله حين عاب آلهة قريش فإنهما لم يتوصلا إلى المعرفة الحقيقية, معرفة نبي إله عالم الخيال والوهم (ابن عربي)!
فهل هذا ما تريد إيصاله للناس يا سيد منير بقولك (أن الإنسان يسير إلى الله وهو لا يدري... أنت تظن أنك تسير نحو الثروة نحو المال نحو الجاه، لا أنت تسير نحو الله)؟!
ِلمَ لا تقول للناس الحقيقة وهي أنّ العرفاء يعتقدون أن المتوجّه للصنم متوجهٌ إلى الله والمادح للصنم مادحٌ لله والساجد للصنم هو ساجد لله لأن كل شيء عندهم هو عين ذات الله؟! فالعبادة لا تقع إلا له حتى لو كانت في صنم! تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.
هذه هي الحقيقة ولا داعي لإخفائها فاعرضها للناس بشكل واضح ولا تغشّهم!
ولكنك تعلم جيداً أنك لو كشفت هذه الحقيقة لنفر الناس منك ولم يقبلوا بقولك! لذلك لم تنقل لهم الصورة الحقيقية حول اعتقاد العرفاء, ورحت تعرض عقيدتهم بطريقة مبهمة ضبابية وغير صريحة!

يقول السيد منير الخباز : أن الإنسان يسير إلى الله وهو لا يدري، هو يسير إلى الله، كيف؟ هو لا يدري، مثلا {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ}أين أنت كادح؟! لست كادح للراتب ولا للمعاش ولا للثروة أنت مشتبه، أنت كادح إلى شيء آخر{إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} في لقاء يوم من الأيام أنت تسير نحو الله. أنت تظن أنك تسير نحو الثروة نحو المال نحو الجاه، لا أنت تسير نحو الله ?
أقول: لا نخالك قصدت بكلامك أنّ الناس يسيرون نحو حكم الله فيهم وقضائه وتدبيره وجزائه فهذا إن جاز التعبير (سَير مآل وعاقبة) وذاك ليس هو ما يقصده العرفاء ولا شأن له بالسير والسلوك عندهم لأنّ الوصول الذي يتحدثون عنه هدفه معرفة الله.
ثم إن العرفاء والمتصوّفة يؤولون الآيات والروايات بما يوافق عقيدتهم الباطلة وقد قلنا سابقاً أن الاستدلال بالآيات الشريفة وتأويلها بما يطابق أهل المذاهب الباطلة منزلق خطير.
قال أمير المؤمنين عليه السلام : كم من ضلالة زخرفت بآية من كتاب الله كما يزخرف الدرهم النحاس بالفضة المموهة .
المصدر: عيون الحكم والمواعظ,الواسطي, ص381.
إن الإنسان يكدح كدحاً من خير أو شر فيلاقي ثوابه أو عقابه في الدنيا والآخرة, فهذه الآية لا تقتصر على أهل الطاعة وحدهم.
جاء في تفسير القمي : {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} يعني تقدم خيراً أو شراً ( فملاقيه ) ما قدم من خير وشر.
المصدر : تفسير القمي , ج2 ص412.
فالآيات الكريمات ليس لها علاقة بدين المتصوّفة فهي لم تقل بأن التوجه إلى أي شيء حتى الأصنام هو توجه إلى الله ولكن السيد منير (هداه الله) يريد بذلك تبرير ديانة العرفاء, وإليك بعض النماذج من تصريحاتهم:
قال الخميني : فما يُبحث عنه ويجري وراءه الجميع سواء في العلوم والفضائل والفواضل، أو في المعارف وأمثالها، أو في الشهوات والأهواء النفسانية، أو في التوجّه إلى كل شيء وأي شخص من قبيل أصنام المعابد والمحبوبات الدنيوية الأخروية الظاهرة والخيالية المعنوية والشكلية، كحب النساء والبنين والقبيلة والقادة الدنيونيين كالسلاطين والأمراء وقادة الجيوش، أو القادة الأخرويين كالعلماء المفكّرين والعرفاء والأنبياء عليهم السلام كل ذلك هو ذات التوجّه إلى الواحد الكامل المطلق (الله) . فليس من حركة تقع إلا له تعالى، وفي سبيل الوصول إليه جل وعلا، وليس من قدم تخطو إلا نحو ذلك الكمال المطلق!
المصدر : المظاهر الرحمانية , الخميني, ص88.
فتلاحظ أخي القاريء أن الخميني  يصرّح أن التوجّه إلى أي شيء حتى للأصنام هو توجه إلى الله!
ولاحظ جيداً ماذا يقول (هو ذات التوجّه إلى الواحد الكامل المطلق)! أي نفس التوجه لله تعالى وعينه! تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا, وهذا على النقيض تماماً لكتاب الله تعالى, فالله تعالى ذكر أن له سبيلاً واحداً والطرق الأخرى لا توصل إليه:
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}
وبيّن سبحانه وتعالى أن التوجّه إليه يكون بالدين القيّم (الحنيفية) :
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
ولم يخبرنا سبحانه وتعالى أن التوجه للصنم توجه له!
قال تعالى {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} ولم يقل (أنتم لله بها عاكفون) والعياذ بالله!
ولم يصف الله سبحانه وتعالى الشرك وعبادة الأوثان حتى وإن كان من يعبدها يقصد بذلك التقرّب إلى الله أنه توجه له تعالى, لا بل وصفه بالظلم العظيم!
قال تعالى {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
فلا تستغرب أخي القاريء من قولهم هذا فإنّ من يأخذ دينه عن ابن عربي هكذا يكون مآله ولا عجب.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنا - أهل البيت - شجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، وبيت الرحمة، ومعدن العلم.
المصدر: مصباح المتهجد,الشيخ الطوسي, ص45.
ويقول الخميني أيضاً : كل المحامد وكل كمال وكل ثناء يقع في هذا العالم هو له –الله- تعالى، والإنسان يتوّهم أنه عندما يتناول طعاماً لذيذاً فيمدحه أنه يثني على هذا الطعام ولكنّ هذا الحمد هو لله تعالى ولا يدري الإنسان ذلك، يمدح إنساناً ما فيقول أي فيلسوف وعالم هو؟ لكنه إنما يمدح ويحمد ويثني على الله ولا يدري، لماذا ؟ لأن هذا الفيلسوف والعالم ليس لديه شيء من نفسه، فكل ما هو موجودٌ هو تجليه تعالى، والذي أدرك عقلياً أنه تجليه تعالى فإنّ نفس هذا الإدراك هو أيضاً وكذلك حال المدرك، فكل شيء منه تعالى.
الإنسان يتوّهم أنه يمدح هذه السجادة أو هذا الشخص لكنه لا حمد ولا ثناء يقع إلاّ لله تعالى، لأنكم إنما تمدحون شخصاً لشيء فيه، فالمدح لا يكون للعدم، وكل شيء هو موجود منه تعالى لذا فكل حمد ومدح وثناء فهو له: "الحمد " يعني كافة المحامد ولله كل ما هو وله تعالى حقيقة الحمد.
نتوهم أننا نمدح ونحمد زيداً أو عمراً أو نور الشمس أو نور القمر، لكننا في الحقيقة محجوبون عن هذه الحقيقة، لا ندري بها هي مستورة عنا. نتوهم أننا نمدح ونحمد هذا أو ذاك لكن عندما ترفع الحجب نرى أن جميع المحامد هي له (الله) وأن نفس حمدنا له هو من تجليه.
المصدر : تفسير آية البسملة, الخميني, ص26 – 27.
ويقول أيضاً : يحصر الله تعالى جميع المحامد والاثنية في ذاته المقدسة لا سيّما مع تعلّق (بسم الله) بـ(الحمد الله) كما هو في سلوك أولياء العرفان وأصحاب اليقين ، وفي هذه اللطيفة أسرار لا يخلو كشفها من خطر. وبالجملة إن الفطرة السليمة التي لم تحتجب بأستار المظاهر الخَلقية وترد الأمانة إلى صاحبها كما هي, تشكر الحق في كل نعمة. بل عند الفطرة غير المحجوبة كل شكر من أي شاكر، وكل حمد وثناء من أي حامد ومثنٍ تحت أي عنوان ولأي شخص كان في أية نعمة كانت لا يرجع إلى غير ذات الله المقدسة جل وعلا وإن كان المحجوبون يظنون أنهم يمدحون غيره ويثنون على غيره!
المصدر: جنود العقل والجهل, الخميني, ص 176-177.
ويقول أيضاً : يختص الحمد به تعالى، يدرك الإنسان بأنه عاجز عن الفهم. إذ أن كل المحامد له. فلا أحد يليق به الحمد ولا أحد يُحْمَد غيره. حتى أن البعض يتصوّر أن (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) هو قضاء تكويني، قضاء الله بأن لا يعبد غيره. يتصورون بأنهم يسجدون للوثن، يمدحون الإنسان، يمدحون الشمس. ولكن المدح منه كلّه. وإنّ الجميع يمدحونه وهم لايفقهون!
المصدر : صحيفة الامام الخميني, ج17 ص426.
أقول : يصرّح الخميني في هذه النصوص بأن كل مدح وثناء لأي شيء هو مدح وثناء لله تعالى! يقول عندما نمدح عمراً أو زيداً فإننا نمدح الله!
تنبه جيداً أخي القاريء إلى أنه هو لم يقل عندما نمدح مؤمناً!, فالخميني ليس جاهلاً يعلم جيداً الفرق بين الإطلاق والتقييد! لذا حسب كلامه حينما يمدح أحدهم صدام فهو يمدح الله! نحن نتوّهم أن ذلك الوهابي يمدح صدام ولكنه في الحقيقة يمدح الله! وحينما يمدح  أحد الكفار الصنم هبل فهو يمدح الله أيضاً ولكننا محجوبون لا ندري بأن الصنم عين ذات الله!
فكل شيء هو الله ولا شيء غيره فلا يقع المدح والحمد والثناء إلا له, سواءً كانت المدحة في صنم أو في غيره!
أخي القاريء إن كنت تتوّهم أن كلامه سليم المقصد بتلك الديباجة المنمقة فتأمل جيداً تجد التصريح الواضح بوحدة الموجود بين السطور فتدرك  قصده!
تأمل في قوله : ( فكل ما هو موجودٌ هو تجليه تعالى، والذي أدرك عقلياً أنه تجليه تعالى فإنّ نفس هذا الإدراك هو أيضاً وكذلك حال المدرك، فكل شيء منه تعالى).
المصدر : تفسير آية البسملة , الخميني, ص26.
أقول : إن الموجودات ليست تجلي الله -معاذ الله- إنما الله تعالى (يتجلى بربوبيته لها بها) كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.
{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ} ورد عن الإمام الرضا عليه السلام أن الله تجلى للجبل بآية من آياته. أي أظهر آية من آياته تعالى.
المصدر: بحار الأنوار ,للمجلسي , ج4 ص48, التوحيد للصدوق, ص122, عيون أخبار الرضا , ج2 ص178.
ولو تأمل القارئ الكريم في الآية جيداً فهي تعني أنّ الله تعالى يتجلى بربوبيته للمخلوقات وليست المخلوقات تجلّي الله! تعالى ربنا عن ذلك علواً كبير.
هناك فرق شاسع ,مثلاً يصح أن تقول: (تجلّى الصلاح للغاوين بمعرفة الدين) ولكن يغدو الأمر مختلفاً تماماً ويصبح تشويهاً للقيم والمبادئ حينما تقول (الغاوون تَجَلّي الصلاح) !
فعندما يقول : (إن كل ما هو موجود تجليه تعالى) أو كما قال في تصريح آخر: (أن الوجود تجلي الحق ولا شيء سواه) تعلمون هذا ماذا يعني؟ !
تصبح حتى الفضلات والقاذورات هي تجلي الله! والعياذ بالله!
لاحظ أخي القاريء أن الخميني يقول : (كل ما هو موجود)! ولم يقل كل جمال مثلاً لالتمسنا له العذر وقلنا كبوة جواد! لا ولكنه يعبّر عن عقيدته الحلاجية ويفصح عنها بشكل تلقائي فيقول (بأن الموجودات هي تجلي لله تعالى) بالمعنى الذي بيناه, وقال في موضع آخر: (فكل ما هو موجودٌ هو تجليه تعالى)!
وفي تصريح ثالث يقول : (علم العرفان والعرفان العملي يبحث عن الوجود المطلق أو بالتحديد عن الحق تعالى فلا بحث له سوى عن الحق تعالى وتجلياته التي هي عين ذاته!
المصدر: المظاهر الرحمانية , الخميني, ص51.
أقول:
المقدمة الأولى : إن كل ما هو موجود تجليه تعالى.
المقدمة الثانية: إن تجلياته عين ذاته.
النتيجة : الموجودات هي عين ذات الله!
فيتوضح لك أخي القاريء أن الخميني يعتقد أن الموجودات هي عين ذات الله تعالى! (والعياذ بالله)
وهذا ما أراد السيد منير تمويهه على الناس لإعذار العرفاء وتبرير عقيدتهم ولكن بأسلوب مبطّن! وفي التصريح القادم يظهر للقارئ المعنى بشكل أوضح .

يقول السيد منير الخباز : كل إنسان هو يسير نحو الله لكن المهم أن يلتفت إلى أنه يسير نحو الله هذا هو المهم، كل إنسان هو سالك إلى الله شاء أم أبى.
أقول : إن قول السيد منير (كل إنسان هو سالك إلى الله شاء أم أبى) هو إشارة لاعتقاد العرفاء أن العبادة لا تقع إلا لله بحسب التكوين! بحيث أنك لا تستطيع أن تعبد غير الله شئت أم أبيت!
والسبب هو أن العرفاء يعتقدون أن كل شيء هو الله والله كل شيء! فكل المخلوقات هي عين ذات الله تعالى بما في ذلك المخلوقات الخسيسة (والعياذ بالله)!
يقول الخميني : (عند أهل المشرب الأعلى الذوقي –العرفاء- كل فرد من أفراد الوجود حتى الموجودات الخسيسة عند أهل الظاهر -الكلب والخنزير والخمر والنفايات ومدفوع الخنزير- قرآن جامع له الظهر والبطن والحد والمطلع والمراتب السبعة بل السبعين).
المصدر : تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس ، الخميني , ص215.
فالكلاب والخنازير عندهم قرآن جامع, والقرآن الجامع كناية عن القداسة! ولكي يبيّن لك العرفاء وحدة المخلوقات مع الله وأنه لا فرق بينهما جاء الخميني برواية لا وجود لها في مصادرنا الحديثية ويريد من خلالها أن يقول أنه ليس هناك فرق بين رِجْل ميتة الكلب والنبي موسى عليه السلام (والعياذ بالله)!
يقول الخميني : ولهذا ورد أنه تعالى أوحى إلى موسى (عليه السلام) أن جئني بموجود أخس منك فأخذ برجل ميتة كلب ثم تنبه على خطئه فتركها فأوحى الله تعالى إليه أن لو جئت بها لسقطت من مقامك فافهم ولا تغفل.
المصدر : فصوص الحكم لابن عربي , بتعليق الخميني , ص386.
وبسبب هذا الاعتقاد تجدهم يصرّحون بأن العبادة لأي شيء من هذه المخلوقات هي عبادة لله وأن العبادة لا تقع إلا لله عز وجل حتى لو كانت للشمس والقمر والنجوم والأصنام والأوثان ... إلخ , فأنت في الواقع تعبد الله من حيث لا تعلم! لأن كل هذه الأشياء عين ذات الله في معتقدهم ولكي يدخلوا هذا المعتقد الفاسد للإسلام ويُنظّروا له من بوابة الدين جنحوا إلى الكذب على الله ورسوله والقول في كتابه تعالى بالهوى وتأويل الآيات وفق ما يشتهي سيد وحدة الموجود ابن عربي لعنه الله!
فقالوا بأنّ القضاء في قوله تعالى {وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}هو قضاء تكويني! بمعنى أنك لا تستطيع أن تعبد غير الله تكوينياً وأنّ ذلك حكم واقع لا محال ! بينما الآية نفسها ترد هذا الادعاء ولكن العرفاء يبترون الآيات ثم يستدلون بالمقطع المبتور لإثبات هذا المعتقد الزائف!
قال تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} فهل الإحسان للوالدين تكويني أيضاً؟ فعلى ماذا عقوبة عقوق الوالدين؟!
ولكي تقف أخي القاريء الكريم على معتقد العرفاء بشكل واضح أنقل لك تصريح الدكتور أبو العلا عفيفي المحقق والمعلّق على كتاب فصوص الحكم.
يقول هذا الدكتور في مقدمة الفصوص : لم يستطع ابن عربي بعد أن قال بوحدة الوجود أن يدين بالإله الذي صوره الناس في مختلف أنواع الصور في معتقداتهم, وخلعوا عليه ما شاء عقولهم وقلوبهم أن يخلعوه من الصفات, فإن إله المعتقدات في نظره من خلق الإنسان, يتصوره كل معتقد بحسب استعداده وحظه من العلم والرقي الروحي, أما إله ابن عربي بل متصوفة وحدة الوجود جميعاً فلا صورة تحصره ولا عقل يحده أو يقيده لأنه المعبود على الحقيقة في كل ما يُعبد, المحبوب على الحقيقة في كل ما يُحب, إن العارف الكامل في نظره هو من رأى كل معبود مجلى للحق يُعبد فيه ... وكل من عبد غير هذا أو أحب غيره فقد جهل حقيقة ما عَبَدَ وما أحَب, يعبد المعتقد إلهه الخاص الذي خلقه في معتقده ويجحد غيره من آلهة الاعتقادات, ويثني على الحق وما درى أنه يثني على نفسه, لأنه إله المعتقد من صنعه والثناء على الصنعة ثناء على الصانع , ولو عرف هذا المعتقد حقيقة الأمر, وأن غيره ما عبد إلا الحق في صورة خاصة من صور الاعتقاد , أي لو عرف قول الجنيد وقد سئل عن الله فقال : (لون الماء لون الإناء) – لو عرف كل ذلك ما أنكر على غيره ما يعبده, لأن ذلك الغير يظن ولا يعلم أن معبوده هو الله والله تعالى يقول : (أنا عند ظن عبدي بي) أي إنني لا أتجلى لعبدي إلا في صورة معتقده الخاص... فكل صورة من الصور ناطقة بألوهية الحق, وكل معبود من المعبودات وجه من وجوهه, فَأَيْنَمَا (*) تولوا فثم وجه الله, وأياما تعبدوا فإنكم لا تعبدون سواه, قال تعالى {وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} يقول ابن عربي: حكم, وقدر أزلاً أنكم لا تعبدون غير الله مهما تكن صور معبوداتكم!
المصدر : فصوص الحكم , ابن عربي , بتعليق أبو العلا عفيفي, ص32-33. (*) في المصدر (وأياما).
أقول: تلاحظ أخي القاريء أن ابن عربي يقّر بكل الاعتقادات الباطلة وإنها صحيحة توصل الإنسان إلى الله ! لأنه في الحقيقة لا يستطيع أن يعبد غير الله تكوينياً فالوثني يتوهّم أنه يعبد الصنم ولكنه في الحقيقة يعبد الله شاء أم أبى! وهذا هو عين ما صرّح به السيد منير بقوله (كل إنسان هو سالك إلى الله شاء أم أبى) ولكن بصيغة مختلفة لكي لا ينفر الناس من هذا المعتقد الفاسد!
إن مقالته أن ( كل إنسان سالك إلى الله شاء أم أبى) في موطن كهذا لا يمكن تفسيرها أو تأويلها بما يوافق عقولنا كقولنا ( إنا لله وإنا إليه راجعون) أو غيرها من الألفاظ المشابهة، بل يتم حصر اللفظ بما يعتقده أصحاب هذا المشرب وإليكم بعض النصوص:
يقول ابن عربي : إن للحق في كل معبود وجهاً يعرفه من يعرفه و يجهله من يجهله: «وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ» أي حكم. فالعالم يعلم من عُبِدَ، و في أي صورة ظهر حتى عبدَ، وأن التفريق والكثرة كالأعضاء في الصورة المحسوسة وكالقوى المعنوية في الصورة الروحانية، فما عُبدَ غير الله في كل معبود.
المصدر : فصوص الحكم,ابن عربي ص72.
أقول : لاحظ قوله : (فما عُبدَ غير الله في كل معبود) فإنه يشير إلى أن كل المخلوقات هي عين ذات الله فإذا عبدتها فقد عبدت الله! بل من المستحيل أن تقع العبادة لغير الله لأنه حكم واقع لا محالة!
ويقول أيضاً : إن عبادة العجل فرقت بينهم -أي قوم موسى-، فكان منهم من عبده اتباعاً للسامري وتقليداً له، و منهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم فيسألونه في ذلك , فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألَّا يُعْبَدإلا إياه: وما حكم الله بشيء إلا وقع, فكان عتب موسى أخاه هارون لِمَا وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه. فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه عين كل شيء!
المصدر: فصوص الحكم, ابن عربي, ص192.
أقول: وهنا أيضاً يؤكد على أن العبادة للعجل هي عبادة لله بقوله: (فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألَّا يُعْبَدإلا إياه: و ما حكم الله بشي ء إلا وقع...) ويقول بأن عتب النبي موسى لأخيه هارون بسبب إنكاره على القوم عبادتهم للعجل! لأن العجل عين الله تعالى فلماذا تنكر عليهم؟! ثم ربط هذا بقوله : (فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه عين كل شيء)!
ويقول الجنابذي الملقب بالسلطان علي شاه :
(وَقَضَى رَبُّكَ) تكويناً كما أمر تكليفاً أو أمر تكويناً وتكليفاً على استعمال القضاء بمعنى إيصال الأمر إلى المأمور سواء كان بنحو التكوين أو التكليف لكن في أمره التكويني لا يقع التخلف وفي أمره التكليفي قد يقع التخلف أو ثبت عالم قضائه (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) إن مصدرية ولا نافية أو ناهية أو مفسرة ولا ناهية والمعنى قضى ربك أن لا تقع منكم عبادة تكويناً إلا له أو ان لا تقع ولا يصح تكويناً واختياراً أو لا يصح اختياراً وتكليفاً منكم عبادة إلا له! ...فالإنسان في عبادتها اختياراً للشيطان كالإبليسية وللجن كالكهنة وتابعي الجن وللعناصر كالزردشتية وعابدي الماء والهواء والأرض وللمواليد كالوثنية وعابدي الأحجار والأشجار والنباتات كالسامرية وبعض الهنود الذين يعبدون سائر الحيوانات وكالجمشيدية والفرعونية الذين يعبدون الإنسان ويقروّن بآلهة وللكواكب كالصابئة وللملائكة كأكثر الهنود وللذكر والفرج كبعض الهنود القائلين بعبادة ذكر الإنسان وفرجه !! وكالبعض الآخر القائلين بعبادة ذكر مهاديو ملكاً عظيماً من الملائكة وفرج امرأته! كلهم عابدون لله من حيث لا يشعرون لأن كل المعبودات مظاهر له باختلاف اسمائه!
المصدر :بيان السعادة في مقامات العبادة, الجنابذي, ج2 ص437.
أقول : فقوله (قضى ربك أن لا تقع منكم عبادة تكويناً إلا له) هو كما أشار السيد منير (أن  كل إنسان سالك إلى الله شاء أم أبى) وقوله (كلهم عابدون لله من حيث لا يشعرون) هو كقول السيد منير : (أن الإنسان يسير إلى الله وهو لا يدري)!

وقد يقول قائل إن هذا اعتقاد المتصوّفة وليس اعتقاد عرفاء الشيعة؟ فما يقصده السيد منير مما يراه العرفاء الشيعة يختلف عن قصد المتصوّفة؟
نقول: بل هو اعتقاد المتلبّسين بالتشيع أيضاً وإليك بعض نصوصهم:
يقول ملا صدرا : إن عبدة الأصنام إنما يعبدون أصنامهم لظنهم الألوهية فيها, فهم أيضاً يعبدون الله بوجه, إلا أن كفرهم لأجل غلطهم في المصداق, وإسنادهم التجسيم والنقص إلى المعبود, فلا فرق يعتد به بينهم وبين كثير من الإسلاميين قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ), في أن لجميع الموجودات طاعة جِبِلَّية ودين فطري لله سبحانه لا يتصور منها تمرد ولا عصيان أصلاً, لأن أمره سبحانه ماض وحكمه جار لا مجال لأحد في التمرّد والعصيان أعني بذلك الأمر التكويني!
المصدر : مجموعة رسائل فلسفية , الملا صدرا, ص343, طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت, الطبعة الأولى 1422هـ..
أقول : تلاحظ هنا بأن الملا صدرا يقول أن القضاء في الآية هو قضاء تكويني كما قال شيخه الأكبر ابن عربي! وإلا فمن أين علم الملا صدرا أن الحكم هنا تكويني لا تشريعي؟ من أين جاء بهذا؟ ثم انظروا إلى الخبث والهوى! (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآَنَ عِضِينَ). كما ترون فإنه لا يتم الآية كاملة لأنها تفضح كذبه وافتراءه على الله ورسوله. {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} فهو يعلم جيداً أن الإحسان للوالدين غير متحقق في كل البشر وهذا يكشف عن كون الآية تتحدث عن حكم تشريعي لا تكويني كما يفتري ويدّعي!
ثم نسألك أيها العبقري ماذا تقول في الملاحدة الذين لا يؤمنون بخالق أصلاً! إن كنت وجدت مخرجاً للوثنيين وأشباههم واعتبرت عبادتهم للأوثان بوجه من تلك الوجوه الشوهاء- التي صاغها خيالك الأسود وقلبك المريض- عبادة لله فما قولك في الملاحدة أيها الغارق في بحور الجهل والضلال وعبادة إله عالم الوهم والخيال؟!
إن الملا صدرا أتى بهذا من كيس ابن عربي لعنه الله نبي ورسول إله عالم الوهم والخيال، وهم بهذا ينسبون العبث لله تعالى! فعلاما إذن خلق الله الجنة والنار؟ فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ومن الملا صدرا إلى الخميني الأكثر صراحة منه.
يقول الخميني : كل العالم من أعلى مراتب الوجود إلى أسفل سافلين هو لا شيء إذ إنَّ كل ما هو موجودٌ هو –الله- تعالى لا غير؟! فماذا يمكن أن يُقال عن الوجود المطلق(الله)؟! ولولا أمر الله وإذنه -جلّ وعلا- فربما لم يتحدث عنه بشيء أي من الأولياء، وإن كان كل ما هو موجود حديثاً عنه لا عن سواه! والكلُّ عاجز عن التمرّد عن ذكره، فكلُ ذكرٍ ذكرُه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ..} ... فإنه (الله) هو الحمد والحامد والمحمود!
المصدر : وصايا عرفانية ص88, حسب ترقيم المكتبة الشاملة , وفي المطبوع ص44, وكذلك تجد النص في مقدمة كتاب سر الصلاة , ص40.
لاحظ قوله : (فكلُ ذكرٍ ذكرُه)! وقوله : (هو الحمد والحامد والمحمود)! أي حتى ذكر الأصنام هو ذكر الله!
والخميني -كابن عربي وصاحبه الملا صدرا- يفتري على الله ورسوله ويستشهد بتلك الآية في مقام إثبات الحكم التكويني والعياذ بالله!
أما المطهري فهو أكثر صراحة من أستاذه الخميني فجاء بعقيدة ابن عربي مباشرة!
يقول في كتاب التوحيد : أن العرفاء فسروا القضاء في قوله تعالى {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ..} بالقضاء التكويني الذي لا يمكن المحيد عنه, ومعناه أن البشر لا يمكنه أن يعبد إلا الله, ولا بن عباس في ذلك رواية في المقام مضمونها بأن عابد الوثن يعبد الله من حيث لا يعلم....)
ثم نقل شعراً بالفارسية للعارف الشبستري :
مسلمان كر بدانستى كه بت كيست **** يقين كردى كه دين دربت برستى است
وترجمته :
أيها المسلم لو كنت تعلم ما الوثن *** لأيقنت بأن الدين في عبادة ذاك الوثن.
المصدر : التوحيد , المطهري , ص39 , دار المحجة البيضاء.
أقول : قال الإمام الحسين عليه السلام في مدح أبيه أمير المؤمنين عليه السلام :
عبد الله غلاماً يافعاً * وقريش يعبدون الوثنين
وقلى الأوثان لم يسجد لها * مع قريش لا ولا طرفة عين
المصدر: الاحتجاج , الشيخ الطبرسي , ج 2 ص 26.
والعرفاء يقولون بأن الدين في عبادة ذلك الوثن!
ولكن الأكثر صراحة من الخميني والمطهري هو ابن الخميني مصطفى ! وهو -أي مصطفى الخميني- على ما يذكر العرفاء عنه : كان ترجماناً صادقاً وأميناً لآراء والده ومعتقداته!
المصدر : أسرار ملكوتية وإشراقات عرفانية, الشيخ رضوان فقيه, ص 7.
يقول مصطفى الخميني في تفسيره : أن العبادة لا تقع - بحسب التكوين وفي الأعيان والخارج - إلا لله تعالى ، وذلك إما لأجل أن الظاهر إرادة حصر العبادة فيه-الله- أينما تحققت، فنعبده ولا نعبد غيره ، لا على وجه الاختيار ، بل سواء كان بالاختيار أو كان لا بالاختيار، وسواء كان بحسب الظاهر معبوده غيره، أو كان هو تعالى اسمه، أو لأجل أن السالك كلما تميز شيئا للعبادة فهو غيره تعالى، ومع ذلك تكون العبادة له تعالى، فيعلم من ذلك أن جميع العبادات تقع له تعالى، أي أن السالك يتصوّر حال الخطاب ما ليس هو هو ، ومع ذلك يعد فعله عبادته تعالى، أو لأجل أن ضمير الجمع للاستيعاب ، أي إياك نعبد أنا وجميع العابدين، فتكون الآية الشريفة دليلاً على أنه تعالى كل الخيرات، وأن بسيط الحقيقة كل الأشياء وإن كان ليس بشيء من حدودها الناقصة الراجعة إلى أنفسها، وإلى ذلك يشير ما عن ابن عباس : أن القضاء في قوله تعالى : * ( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ) * تكويني.
كر مؤمن بدانستى كه بت كيست **** يقين كردى كه دين دربت برستى است
المصدر : تفسير القرآن الكريم , مصطفى الخميني, ج2 ص32-33.
الترجمة:
أيها المؤمن لو كنت تعلم ما الوثن *** لأيقنت بأن الدين في عبادة ذاك الوثن.
أقول : تلاحظ أخي القارئ قوله : (أن الظاهر إرادة حصر العبادة فيه-الله- أينما تحققت، فنعبده ولا نعبد غيره، لا على وجه الاختيار، بل سواء كان بالاختيار أو كان لا بالاختيار، وسواء كان بحسب الظاهر معبوده غيره...) فهو كقول السيد منير : كل إنسان هو يسير نحو الله لكن المهم أن يلتفت إلى أنه يسير نحو الله هذا هو المهم، كل إنسان هو سالك إلى الله شاء أم أبى.
وكما تعلم أخي القارئ أن صريح كتاب الله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} وليس في عبادة الأصنام! فالقوم غارقون وسارحون في عالم الوهم والخيال ولا يعرفون سوى إله عالم الوهم والخيال وهم في الحقيقة رواد السوفسطائية المؤسلمة!

الخلاصة:
تبيّن من خلال ما تقدم أنه لا يوجد طريق صحيح غير طريق أهل البيت عليه السلام وأن الطرق الأخرى هي طرق شيطانية توصل الإنسان إلى النار وليس إلى الله.
وبينّا بأن الآيات التي يحاول العرفاء لِيَّ عنقها وتفسيرها حسب هواهم ليس لها شأن بدين المتصوّفة، وذكرنا تفسير المعصومين عليهم السلام. وكشفنا عن حقيقة معتقد العرفاء وسبب قولهم أن العابد للوثن عابد لله والمتوجه إلى الصنم متوجه لله والمادح للوثن مادح لله! من خلال نصوصهم الدالة على وحدة الموجود.
وانتهينا بذلك إلى أنّ ما ذكره السيد منير الخباز (هداه الله) في محاضرته ما هو إلا تبريرات واهية وترقيعات بالية لمعتقد العرفاء الزائف.
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
3/جمادى الآخر/1436هـ ,ذكرى استشهاد سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها.
طالب علم