الثلاثاء، 25 مارس 2014

عقيدة ابن عربي في النّص على الخلافة

عقيدة ابن عربي في النّص على الخلافة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم

من أصول اعتقاداتنا (نحن الشيعة الإمامية) أنّ الإمامة كالنبوّة؛ لا تكون إلاّ بالنص من الله تعالى على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله) ولسان الإمام المنصّب الذي ينص على الإمام من بعده ويعينه.
وحكمها في ذلك حكم النبوّة بلا فرق، فليس للناس أن يُحكّموا رأيهم فيمن يعيّنه الله هادياً ومرشداً لعامّة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه، أو ترشيحه، أو انتخابه؛ لأنّ الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمّل أعباء الإمامة العامّة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يُعرّف إلاّ بتعريف الله ولا يُعيَّن إلاّ بتعيينه  .
ونعتقد نحن الامامية: أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نصّ على خليفته والإمام في البرية من بعده، فعيَّن ابن عمه علي بن أبي طالب أميراً للمؤمنين، وأميناً للوحي، وإماماً للخلق في عدّة مواطن، ونصّبه، وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير
فقال: «ألا مَن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه كيفما دار»
المصدر : عقائد الإمامية, المظفر , ص103.
ولقد جاء في بعض المصادر قول رسول الله صلى الله عليه وآله قبل هذا النص (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) قالوا بلى: يا رسول الله، فقال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)
وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن بريده قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه (وآله) وسلم- ذكرت علياً فتنقصته فرأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه (وآله) وسلم- يتغير فقال « يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ». قلت بلى يا رسول الله. قال « من كنت مولاه فعلي مولاه».
المصدر : مسند أحمد, تحقيق شعيب الأرنؤوط ج5 ص32, طبعة مؤسسة الرسالة.
فقوله صلى الله عليه وآله (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) عبارة تدّل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله هو المهيمن على الأمة والمتصرّف بالمؤمنين وله حق الولاية المطلقة والطاعة التامة عليهم , وهو حاكمهم بمعنى له السلطة الظاهرية أي في الحكم والسلطة الدنيوية , وكذلك له الولاية والخلافة التشريعية وهذه لا تسقط ولا يمكن لأحد ان يسلبها الإمام فهي مقام إلهي ثابت فالإمام هو المبلّغ عن الله ومنه يتلقى البشر أحكام الدين الحقة وتلك يعبّر عنها المتصوفة بالباطنية.  وطبعاً ذاك لا نوافقهم عليه فالإمام الحق إمامته التشريعية ظاهرة و إن أنكرها المعاند وجحدها الجاحد.. 
الخلافة في الحكم والسلطة والخلافة في التشريع كلاهما للإمام علي عليه السلام  حيث قال رسول الله : « من كنت مولاه فعلي مولاه ».
فيكون النبي صلى الله عليه وآله نص على الخلافة والإمامة الظاهرية وهي الحكم.
ونص كذلك على ما يسميه ابن عربي الخلافة الباطنية وهي الخلافة التشريعية بما انّ له حق التصرّف في أنفس المؤمنين حيث جعله صلى الله عليه وآله بأمر من الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم أي هو خليفته الذي يرجعون إليه في أمر دينهم و دنياهم , فمنه يتلقون شريعة الله الحقة لا من سواه واليه يؤول أمر الحكم والسلطة.

كبير العرفاء ابن عربي يقول : لم ينص رسول الله على خلافة أحد ولم يعيّن خليفة بعده!!
لقد تبيّن لنا مما سبق بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد نص على خلافة وإمامة أمير المؤمنين عليه السلام ظاهراً (السلطة والحكم) و باطناً على حد تعبير ابن عربي وهو ما نسميه (التشريع).. غير أنّ كبير العرفاء ابن عربي الناصبي المتعصّب ينكر النص على الولاية والخلافة الظاهرية وكذلك ما يسميه الخلافة الباطنية وهي التي نطلق عليها التشريعية ولكنه يقول بأنّ الإمام عليّا عليه السلام  حازهما كمقام بلغهُ وحازه أمير المؤمنين عليه السلام كما بلغه وحازه من لا يساوي ذرة في نعل خادم علي عليه السلام قمبر من أمثال أبي بكر وعمر لعنهما الله، فادعى وفقاً لكشفه الخرافي بأنّ النبي صلى الله عليه وآله لم ينص على خلافه أحد ولم يعيّن إماماً من بعده!!
قال في كتابه فصوص الحكم : و كذلك أخذُ الخليفة عن الله عينُ ما أخذه منه الرسول. فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله. ولهذا مات رسول الله وما نص بخلافة عنه إلى أحد ولا عينه. لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع, فلما علم ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لم يحجر الأمر.
فصوص الحكم, ابن عربي, ص163.

و هذا التصريح واضح وهو يدل على أنّ ابن عربي ينكر تماماً النص على الخلافة ظاهراً وباطناً وفق تعبيره وفوق هذا يقول بالخلافة الظاهرية والباطنية لسلاطين الجور الذين اغتصبوا الخلافة من صاحبها الشرعي كطواغيت السقيفة والمتوكل العباسي!!
يقول ابن عربي في فتوحاته:
«.. ولكن الأقطاب المصطلح على أن يكون لهم هذا الاسم مطلقاً، من غير إضافة، لا يكون منهم في الزمان إلا واحد. وهو الغوث أيضاً. وهو من «المقربين». وهو سيد الجماعة في زمانه ومنهم من يكون ظاهر الحكم، ويحوز الخلافة الظاهرة، كما حاز الخلافة الباطنة من جهة المقام: كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن ومعاوية بن يزيد وعمر بن عبد العزيز والمتوكل ومنهم من له الخلافة الباطنة خاصة، ولا حكم له في الظاهر: كأحمد بن هرون الرشيد السبتي وكأبي يزيد البسطامي وأكثر الأقطاب لا حكم لهم في الظاهر..»
المصدر : ابن عربي , جعفر مرتضى العاملي, ص186-187, نقلا عن الفتوحات المكية لابن عربي ج11 ص274-275.
إذاً تبيّن لنا من خلال هذا التصريح بأنّ ابن عربي ينكر فقط النص على  الخلافة الظاهرية والباطنية وفق تعبيره ولكنه لا ينكر بأن هناك خلفاء باطن (تشريع) وقد عدّدهم فإذا كلهم من حكّام الجور والمنحرفين المزيفين لشريعة سيد المرسلين ما عدا الإمام علي والإمام الحسن عليهما السلام.
فابن عربي ينكر النص على الخلافة وقد صرّح بهذا الإنكار استناداً لما توصل اليه عن طريق الكشف في كتابه فصوص الحكم الذي يدّعي العرفاء بأنه منزّل من السماء وتلقاه عن الله عز وجل!!
وهنا وقع العرفاء في ورطة كبيرة وهي كيف يكون الكتاب منزّلاً من السماء وسراً من الأسرار الإلهية وابن عربي ينكر النص على الخلافة في نفس هذا الكتاب؟؟!
فأخذوا يسوقون التبريرات التافهة  والتأويلات السخيفة لصرف هذا التصّريح الواضح عن معناه !
فبعضهم قال بأنًّ ابن عربي من المستضعفين وقد ذكر هذا التصّريح تقية!!
وهذا عذر أقبح من ذنب فإذا كان كتاب فصوص الحكم وحيٌ منزّل (كما تدّعون) فكيف جاز لابن عربي أن يضيف ما ليس فيه من عنده سواءً كان تقيه أو غير ذلك؟!
هل في كتابه نصٌ هو قال فيه أنّ بعض ما ورد في كتابي صدر تقية و يمكنكم تمييز ما صدر تقية عن طريق كذا وكذا؟
نحن أخبرنا آل رسول الله طريقةً وقاعدة نميز بها ما صدر تقيةً فقالوا إن وجدتم خبرين متعارضين فخذوا بما يخالف ما ورد عند العامة منهما ..
ثم ما الداعي أصلاً للتقية؟ فلو ترك الأمر ولم يتعرض له جملةً وتفصيلاً ماذا كان سيحصل له؟؟
وبعضهم قال لقد دُسّ في كتب ابن عربي ما ليس منها!!
وهذا العذر الواهن يطابق جواب المخالفين حينما نحتج عليهم بالبخاري فيقول قائلهم : لقد دُسّ في البخاري ما ليس منه!!
ومن التبريرات السخيفة ما ذكره حسن زاده آملي في كتابه مُمدّ الهمم في شرح فصوص الحكم بعد شرحه للعبارة في الهامش حيث قال:
لا شك ان رسول الله صلى الله عليه وآله عيّن وصياً من بعده وهو أمير المؤمنين علي عليه السلام كما انه لا شك ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعين خليفة حين ارتحاله وذلك لأنه صلى الله عليه وآله حينما طلب قلماً وقرطاساً قال عمر يكفينا كتاب الله وان الرجل ليهجر وانجر الأمر إلى النزاع والشجار وبحضور رسول الله صلى الله عليه وآله على ما هو مفصّل في كتب الفريقين وفي نفس الوقت يعلم الرسول بوجود الخليفة بين الأمة وهو الحقيقة خليفة له وإذا أردنا الجمود على ظاهر اللفظ فاللازم أن نقول ان الشيخ (ابن عربي) ليس معصوماً وقد صرح في أول الكتاب بأني لست نبياً ولا رسول ولكني وارث وحارس لآخرتي وحيث أنه ليس معصوماً ولا نبياً ولا رسولاً فقد وقع له الإشتباه في مكاشفته عن الله بحسب معتقده وسوابق انسه وما ألفه!!
المصدر : مُدد الهمم في شرح فصوص الحكم, حسن زاده آملي, ص410
أقول: لقد حاول حسن زادة آملي صرف عبارة ابن عربي إلى أنه يقصد لم يعين خليفة حينما منعه عمر !!
فقال : لا شك ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعين خليفة حين ارتحاله وذلك لأنه صلى الله عليه وآله حينما طلب قلماً وقرطاساً قال عمر يكفينا كتاب الله...)
ولكن لسخافة هذا التبرير ولعلمه ببطلانه وأنه لا يقبله عاقل فقد اضطر للقول بعد ذلك:
وإذا أردنا الجمود على ظاهر اللفظ فاللازم أن نقول ان الشيخ (ابن عربي) ليس معصوماً وقد صرّح في أول الكتاب بأني لست نبياً ولا رسول ولكني وارث وحارس لآخرتي وحيث أنه ليس معصوماً ولا نبياً ولا رسولاً فقد وقع له الإشتباه في مكاشفته عن الله بحسب معتقده وسوابق انسه وما ألفه!!
أقول : لقد أراد الآملي أن يكحلها فذهب بنور بصرها!!
حيث يقول : فقد وقع له الاشتباه في مكاشفته عن الله بحسب معتقده وسوابق انسه وما ألفه!!
إذا كان المُعتقد الذي يأنسه المرء واعتاد سماعه يتدّخل في كشفهم فما قيمة هذا الكشف؟؟
أليس يقول أنّ المكاشفة عن الله؟!
من يرتبط بجهة معصومة ويتلقى عن الله سبحانه وتعالى كيف يخطيء؟ وكيف يتخبط؟وكيف يتأثر  بالمأنوسات !
قال تعالى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}

ثانياً: إبن عربي لا ينفي عن نفسه العصمة  بل نفى النبوة فقط حينما قال: ولست رسول ولكني وارث ولآخرتي حارث!
وقد إدعى العصمة والاتصال المباشر بالله في نفس المصدر حينما قال: فما أُلقي إلا ما يُلقى إلي , ولا أنزل في هذا المسطور إلا ما ينزّل به عليّ!!
المصدر : فصوص الحكم , ابن عربي, بتعليق العفيفي, 47-48 .
ولنا مقال حول هذا الموضوع بعنوان: فصوص الحكم قرآن العرفاء:

ثالثاً: انّ صرف المقصود من عبارة ابن عربي إلى أنه منعُ عمر عن كتابة الكتاب هو عذر باطل ومردود بتصريح ابن عربي نفسه حينما قال : لم ينص رسول الله على خلافة أحد!!
فقوله هنا مطلق أي أنه لم ينص أبداً على خلافة أحد!!

إنّ هذا التبرير مع كل التبريرات التي يسوقها العرفاء لصرف تصريح ابن عربي عن معناه هي في الواقع محضُ تهريج وإسفاف واستخفاف بعقول الناس غير أنّ ذلك كله يهون أمام ما ذكره الخميني تعليقاً على هذا التصريح!
فقد قال في تعليقته على الفص الداودي: قوله (أي ابن عربي): (وما نصّ بخلافة عنه) , الخلافة المعنوية التي هي عبارة عن المكاشفة المعنوية للحقائق بالإطلاع على عالم الأسماء أو الأعيان لا يجب النص عليها!!
تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس , الخميني , ص196-197 , طبعة مؤسسة باسدار إسلام.

أقول: من أين أتى الخميني بالخلافة المعنوية في نص ابن عربي ؟!
تصريح ابن عربي واضح وهو يعني الخلافة الظاهرية (الحكم)
ثم انّ هذه التي يسميها الخميني خلافة معنوية من قال بأنها أصلاً تُسمى خلافة؟ ما هذا العبث؟
خلافة الله على الأرض تكون في تعليم وإقامة شريعته وإرساء قواعد الحكومة الدنيوية العادلة من جهة السلطة.  أي أنها خلافة في التشريع والحكم.
أما ما يسميه الخميني خلافة معنوية فتلك تسمى مقامات الخليفة الشرعي وهذه لا تحتاج نصاً لأنها تظهر للعيان .. ومع ذلك الخميني ليس صادقاً في هذا!
فكم من النصوص المتواترة في مقامات وكرامات الإمام علي عليه السلام العظيمة من طرق الشيعة ومخالفيهم نذكر منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( أنا مدينة العلم وعلي بابها).
علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشمل الاطلاع على كل حقائق الوجود وعلي باب مدينة علم رسول الله فبلا شك أو ريب له ذلك المقام.
فما أقبح  خطل الآراء وزلل الأهواء!
وقد وصف الطهراني تصريح الخميني بأنه رائع وجميل!! حينما قال: ويجيب القائد المعظم للثورة آية الله الخميني أعلى الله درجته في تعليقاته على « شرح فصوص الحكم » إجابة رائعة وجميلة على هذا الكلام!! ثم ينقل قول الخميني السابق!!
المصدر: الروح المجرد, الطهراني, ص336.

أقول : أراد الخميني أن ينقذ نفسه لأنه ادّعى بأنّ كتاب فصوص الحكم منزّل!! ونكران النص على الخلافة مخالف للتنزيل فوقع في مصيبة أخرى!!
وأراد الطهراني أن ينقذ ابن عربي من ناصبيته, ونكرانه النص على الخلافة الذي يُثبتُ عدم تشيعه, فسقط الطهراني في نفس المستنقع الذي وقع فيه الخميني!
تصريح ابن عربي واضح جداً وهو ينكر النص على الخلافة ظاهراً (حكماً) و تشريعاً أو (باطناً) كما يصطلح هو على تسميته ولكنّ الخميني أراد التمويه وادّعى انّ ابن عربي يقصد ما سماه الخميني الخلافة المعنوية التي عرّفها بأنها الاطلاع على عالم الاسماء والاعيان ولكنّ هذا القول باطلٌ أيضاً ولا يدفع عن ابن عربي نكرانه النص على الخلافة الظاهرية كما بيّنا, ولكي يمرّر الخميني هذا التأويل السخيف قام ببتر كلام ابن عربي ولم يأتِ بالنص كاملاً !!
فابن عربي يقول وبكل صراحة : مات رسول الله وما نص بخلافة عنه إلى أحد ولا عيّنه!!
ويقول بعدها : لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع!!
فهل حكم أبي بكر وعمر و عثمان مشروع؟ وهل حكم باقي الطواغيت الذين ذكرهم ابن عربي ومن بينهم المتوكل العباسي مشروع؟؟!
ثم يؤكد ابن عربي بعدها على أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم يحدد ولم يعيّن أحداً بعده فقال: فلما علم ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لم يحجر الأمر!!
فصوص الحكم, ابن عربي, ص163.
أقول : كيف لم يحجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأمر وقد نص على إتباع القرآن والعترة من بعده؟
فقال صلى الله عليه وآله : « إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي الثقلين ...كتاب الله...وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
وكيف لم يحجر رسول الله الأمر وقد قال : الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش من بني هاشم؟؟
أي قد حددهم وعينهم  بل وسمّاهم بأسمائهم كما في مصادرنا ومصادر القوم، وقد نص على ذلك القندوزي الحنفي صاحب ينابيع المودة.
ولقد ذكرنا بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد نص على خلافة وإمامة أمير المؤمنين عليه السلام ظاهراً (الحكم) وباطناً كما يسميه ابن عربي وهو (التشريع) وذلك من خلال النصوص التي عرضناها وقد نص فيها رسول الله صلى الله عليه على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في (الحكم) و (التشريع) واتّضحَ انه هو عليه السلام من له الهيمنة المطلقة على الأنفس والأموال.
فهل علمتم الآن لماذا اقتطع الخميني نص ابن عربي وبتره وأخرج معناه عن سياقه الطبيعي؟!
وهل هناك معنى لقوله هو والطهراني (أنّ الخلافة المعنوية لا يجب النص عليها) إلا الضحك على الذقون واستغفال الناس؟!
ليست سوى محاولة بائسة لإنقاذ نفسيهما وأتباعهما وانتشال ابن عربي من الورطة التي سقطوا في قعرها جميعاً معه!!

وقد يقول قائل أنّ الخميني قال بعد هذا النص : وأمّا الخلافة الظاهرة التي هي من شؤون الأنبياء والرسالة التي هي تحت الأسماء الكونية فهي واجب إظهارها ولهذا نص رسول الله صلى الله عليه وآله على الخلفاء الظّاهرة والخلافة الظّاهرة كالنّبوة تكون تحت الأسماء الكونية فكما يكون النبوة من المناصب الإلهية التي من آثارها الأولوية على الأنفس والأموال فكذا الخلافة الظاهرة والمنصب الإلهي أمر خفّي على الخلق لابدّ من إظهاره بالتنصيص .....إلخ
المصدر: تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس , الخميني , ص196-197 , طبعة مؤسسة باسدار إسلام.

أقول : نحن هنا لا نقول أن الخميني ينكر النص على الخلافة , ولكن نقول لماذا اختلق العذر لابن عربي باختلاق اصطلاح جديد اسمه (الخلافة المعنوية)؟ مع أنّ تصريح ابن عربي واضح في إنكار النص على الخلافة بمعنى القيادة والحكم؟!
فالخميني أراد التمويه فادعى انّ ابن عربي يقصد ما سماه الخميني الخلافة المعنوية!!

ومن تبريرات العرفاء ننتقل إلى  أقوال علمائنا الأبرار لكي يقف القارئ العزيز على رأي العلماء في ابن عربي حينما صرّح بهذا التصريح الخطير ونكتفي هنا بقول للشيخ محمد بن طاهر بن محمد بن حسين الشيرازي النجفي القمي المتوفى سنة 1098 هـ , المعروف بملا طاهر القمي ويعد من مشايخ إجازة ملا محمد باقر المجلسي , والشيخ الحر العاملي , وكان إمام جمعة وجماعة مدينة قم المقدسة وشيخ الإسلام فيها.
المصدر : ريحانة الأدب , ج4 ص487- 488.
يقول هذا الشيخ الجليل: قال محيي الدين (ابن عربي) في كتاب الفصوص أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد رحل من الدنيا ولم يعين خليفة له لأنه يعلم أنّ البعض سيأخذ الخلافة من الله ويتعلم الأحكام عن الله بدون واسطة الملك , ولا شك في أنّ هذا الاعتقاد كفر محض.
المصدر : تحفة الأخيار , ملا طاهر القمي, ص58.

الخلاصة :
تبيّن لكم من خلال هذه المقالة بأنّ ابن عربي ينكر النص على الخلافة ظاهراً (الحكم) وباطناً كما يسميه ابن عربي وهو (التشريع) وقد ذكر هذا الإنكار في كتابه فصوص الحكم الذي يعد عند العرفاء كالقرآن عديمُ المثال والنظير !!
ويزعم العرفاء بأنّ هذا الكتاب منزّل من السماء وقد تلقاه ابن عربي عن الله سبحانه وتعالى عن طريق رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام.
وهذا الادعاء الباطل هو ما دعى العرفاء للدفاع عن ابن عربي واختلاق التبريرات السخيفة لإخراجه من هذه الورطة فسقطوا فيها جميعاً.
فإذا كان الكشف الذي يدعيه عرفاء المتصوّفة ومن تابعهم ممن ينتسب للتشيع كخميني يأتي بأمور تخالف الأصول الثابتة في الكتاب والسنة القطعية المستقاة عن الرسول والعترة عليهم الصلاة والسلام, ويجعل العرفاء يتخبطون ويهرّجون بهذه الصورة المقززة! فما هي قيمة هذا الكشف؟!
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
طالب علم
19/5/1435هـ