الثلاثاء، 25 مارس 2014

عقيدة ابن عربي في النّص على الخلافة

عقيدة ابن عربي في النّص على الخلافة

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم

من أصول اعتقاداتنا (نحن الشيعة الإمامية) أنّ الإمامة كالنبوّة؛ لا تكون إلاّ بالنص من الله تعالى على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله) ولسان الإمام المنصّب الذي ينص على الإمام من بعده ويعينه.
وحكمها في ذلك حكم النبوّة بلا فرق، فليس للناس أن يُحكّموا رأيهم فيمن يعيّنه الله هادياً ومرشداً لعامّة البشر، كما ليس لهم حق تعيينه، أو ترشيحه، أو انتخابه؛ لأنّ الشخص الذي له من نفسه القدسية استعداد لتحمّل أعباء الإمامة العامّة وهداية البشر قاطبة يجب ألا يُعرّف إلاّ بتعريف الله ولا يُعيَّن إلاّ بتعيينه  .
ونعتقد نحن الامامية: أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم نصّ على خليفته والإمام في البرية من بعده، فعيَّن ابن عمه علي بن أبي طالب أميراً للمؤمنين، وأميناً للوحي، وإماماً للخلق في عدّة مواطن، ونصّبه، وأخذ البيعة له بإمرة المؤمنين يوم الغدير
فقال: «ألا مَن كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللّهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه كيفما دار»
المصدر : عقائد الإمامية, المظفر , ص103.
ولقد جاء في بعض المصادر قول رسول الله صلى الله عليه وآله قبل هذا النص (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) قالوا بلى: يا رسول الله، فقال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)
وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن بريده قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله -صلى الله عليه (وآله) وسلم- ذكرت علياً فتنقصته فرأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه (وآله) وسلم- يتغير فقال « يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ». قلت بلى يا رسول الله. قال « من كنت مولاه فعلي مولاه».
المصدر : مسند أحمد, تحقيق شعيب الأرنؤوط ج5 ص32, طبعة مؤسسة الرسالة.
فقوله صلى الله عليه وآله (ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم) عبارة تدّل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله هو المهيمن على الأمة والمتصرّف بالمؤمنين وله حق الولاية المطلقة والطاعة التامة عليهم , وهو حاكمهم بمعنى له السلطة الظاهرية أي في الحكم والسلطة الدنيوية , وكذلك له الولاية والخلافة التشريعية وهذه لا تسقط ولا يمكن لأحد ان يسلبها الإمام فهي مقام إلهي ثابت فالإمام هو المبلّغ عن الله ومنه يتلقى البشر أحكام الدين الحقة وتلك يعبّر عنها المتصوفة بالباطنية.  وطبعاً ذاك لا نوافقهم عليه فالإمام الحق إمامته التشريعية ظاهرة و إن أنكرها المعاند وجحدها الجاحد.. 
الخلافة في الحكم والسلطة والخلافة في التشريع كلاهما للإمام علي عليه السلام  حيث قال رسول الله : « من كنت مولاه فعلي مولاه ».
فيكون النبي صلى الله عليه وآله نص على الخلافة والإمامة الظاهرية وهي الحكم.
ونص كذلك على ما يسميه ابن عربي الخلافة الباطنية وهي الخلافة التشريعية بما انّ له حق التصرّف في أنفس المؤمنين حيث جعله صلى الله عليه وآله بأمر من الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم أي هو خليفته الذي يرجعون إليه في أمر دينهم و دنياهم , فمنه يتلقون شريعة الله الحقة لا من سواه واليه يؤول أمر الحكم والسلطة.

كبير العرفاء ابن عربي يقول : لم ينص رسول الله على خلافة أحد ولم يعيّن خليفة بعده!!
لقد تبيّن لنا مما سبق بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد نص على خلافة وإمامة أمير المؤمنين عليه السلام ظاهراً (السلطة والحكم) و باطناً على حد تعبير ابن عربي وهو ما نسميه (التشريع).. غير أنّ كبير العرفاء ابن عربي الناصبي المتعصّب ينكر النص على الولاية والخلافة الظاهرية وكذلك ما يسميه الخلافة الباطنية وهي التي نطلق عليها التشريعية ولكنه يقول بأنّ الإمام عليّا عليه السلام  حازهما كمقام بلغهُ وحازه أمير المؤمنين عليه السلام كما بلغه وحازه من لا يساوي ذرة في نعل خادم علي عليه السلام قمبر من أمثال أبي بكر وعمر لعنهما الله، فادعى وفقاً لكشفه الخرافي بأنّ النبي صلى الله عليه وآله لم ينص على خلافه أحد ولم يعيّن إماماً من بعده!!
قال في كتابه فصوص الحكم : و كذلك أخذُ الخليفة عن الله عينُ ما أخذه منه الرسول. فنقول فيه بلسان الكشف خليفة الله وبلسان الظاهر خليفة رسول الله. ولهذا مات رسول الله وما نص بخلافة عنه إلى أحد ولا عينه. لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع, فلما علم ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لم يحجر الأمر.
فصوص الحكم, ابن عربي, ص163.

و هذا التصريح واضح وهو يدل على أنّ ابن عربي ينكر تماماً النص على الخلافة ظاهراً وباطناً وفق تعبيره وفوق هذا يقول بالخلافة الظاهرية والباطنية لسلاطين الجور الذين اغتصبوا الخلافة من صاحبها الشرعي كطواغيت السقيفة والمتوكل العباسي!!
يقول ابن عربي في فتوحاته:
«.. ولكن الأقطاب المصطلح على أن يكون لهم هذا الاسم مطلقاً، من غير إضافة، لا يكون منهم في الزمان إلا واحد. وهو الغوث أيضاً. وهو من «المقربين». وهو سيد الجماعة في زمانه ومنهم من يكون ظاهر الحكم، ويحوز الخلافة الظاهرة، كما حاز الخلافة الباطنة من جهة المقام: كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن ومعاوية بن يزيد وعمر بن عبد العزيز والمتوكل ومنهم من له الخلافة الباطنة خاصة، ولا حكم له في الظاهر: كأحمد بن هرون الرشيد السبتي وكأبي يزيد البسطامي وأكثر الأقطاب لا حكم لهم في الظاهر..»
المصدر : ابن عربي , جعفر مرتضى العاملي, ص186-187, نقلا عن الفتوحات المكية لابن عربي ج11 ص274-275.
إذاً تبيّن لنا من خلال هذا التصريح بأنّ ابن عربي ينكر فقط النص على  الخلافة الظاهرية والباطنية وفق تعبيره ولكنه لا ينكر بأن هناك خلفاء باطن (تشريع) وقد عدّدهم فإذا كلهم من حكّام الجور والمنحرفين المزيفين لشريعة سيد المرسلين ما عدا الإمام علي والإمام الحسن عليهما السلام.
فابن عربي ينكر النص على الخلافة وقد صرّح بهذا الإنكار استناداً لما توصل اليه عن طريق الكشف في كتابه فصوص الحكم الذي يدّعي العرفاء بأنه منزّل من السماء وتلقاه عن الله عز وجل!!
وهنا وقع العرفاء في ورطة كبيرة وهي كيف يكون الكتاب منزّلاً من السماء وسراً من الأسرار الإلهية وابن عربي ينكر النص على الخلافة في نفس هذا الكتاب؟؟!
فأخذوا يسوقون التبريرات التافهة  والتأويلات السخيفة لصرف هذا التصّريح الواضح عن معناه !
فبعضهم قال بأنًّ ابن عربي من المستضعفين وقد ذكر هذا التصّريح تقية!!
وهذا عذر أقبح من ذنب فإذا كان كتاب فصوص الحكم وحيٌ منزّل (كما تدّعون) فكيف جاز لابن عربي أن يضيف ما ليس فيه من عنده سواءً كان تقيه أو غير ذلك؟!
هل في كتابه نصٌ هو قال فيه أنّ بعض ما ورد في كتابي صدر تقية و يمكنكم تمييز ما صدر تقية عن طريق كذا وكذا؟
نحن أخبرنا آل رسول الله طريقةً وقاعدة نميز بها ما صدر تقيةً فقالوا إن وجدتم خبرين متعارضين فخذوا بما يخالف ما ورد عند العامة منهما ..
ثم ما الداعي أصلاً للتقية؟ فلو ترك الأمر ولم يتعرض له جملةً وتفصيلاً ماذا كان سيحصل له؟؟
وبعضهم قال لقد دُسّ في كتب ابن عربي ما ليس منها!!
وهذا العذر الواهن يطابق جواب المخالفين حينما نحتج عليهم بالبخاري فيقول قائلهم : لقد دُسّ في البخاري ما ليس منه!!
ومن التبريرات السخيفة ما ذكره حسن زاده آملي في كتابه مُمدّ الهمم في شرح فصوص الحكم بعد شرحه للعبارة في الهامش حيث قال:
لا شك ان رسول الله صلى الله عليه وآله عيّن وصياً من بعده وهو أمير المؤمنين علي عليه السلام كما انه لا شك ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعين خليفة حين ارتحاله وذلك لأنه صلى الله عليه وآله حينما طلب قلماً وقرطاساً قال عمر يكفينا كتاب الله وان الرجل ليهجر وانجر الأمر إلى النزاع والشجار وبحضور رسول الله صلى الله عليه وآله على ما هو مفصّل في كتب الفريقين وفي نفس الوقت يعلم الرسول بوجود الخليفة بين الأمة وهو الحقيقة خليفة له وإذا أردنا الجمود على ظاهر اللفظ فاللازم أن نقول ان الشيخ (ابن عربي) ليس معصوماً وقد صرح في أول الكتاب بأني لست نبياً ولا رسول ولكني وارث وحارس لآخرتي وحيث أنه ليس معصوماً ولا نبياً ولا رسولاً فقد وقع له الإشتباه في مكاشفته عن الله بحسب معتقده وسوابق انسه وما ألفه!!
المصدر : مُدد الهمم في شرح فصوص الحكم, حسن زاده آملي, ص410
أقول: لقد حاول حسن زادة آملي صرف عبارة ابن عربي إلى أنه يقصد لم يعين خليفة حينما منعه عمر !!
فقال : لا شك ان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعين خليفة حين ارتحاله وذلك لأنه صلى الله عليه وآله حينما طلب قلماً وقرطاساً قال عمر يكفينا كتاب الله...)
ولكن لسخافة هذا التبرير ولعلمه ببطلانه وأنه لا يقبله عاقل فقد اضطر للقول بعد ذلك:
وإذا أردنا الجمود على ظاهر اللفظ فاللازم أن نقول ان الشيخ (ابن عربي) ليس معصوماً وقد صرّح في أول الكتاب بأني لست نبياً ولا رسول ولكني وارث وحارس لآخرتي وحيث أنه ليس معصوماً ولا نبياً ولا رسولاً فقد وقع له الإشتباه في مكاشفته عن الله بحسب معتقده وسوابق انسه وما ألفه!!
أقول : لقد أراد الآملي أن يكحلها فذهب بنور بصرها!!
حيث يقول : فقد وقع له الاشتباه في مكاشفته عن الله بحسب معتقده وسوابق انسه وما ألفه!!
إذا كان المُعتقد الذي يأنسه المرء واعتاد سماعه يتدّخل في كشفهم فما قيمة هذا الكشف؟؟
أليس يقول أنّ المكاشفة عن الله؟!
من يرتبط بجهة معصومة ويتلقى عن الله سبحانه وتعالى كيف يخطيء؟ وكيف يتخبط؟وكيف يتأثر  بالمأنوسات !
قال تعالى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}

ثانياً: إبن عربي لا ينفي عن نفسه العصمة  بل نفى النبوة فقط حينما قال: ولست رسول ولكني وارث ولآخرتي حارث!
وقد إدعى العصمة والاتصال المباشر بالله في نفس المصدر حينما قال: فما أُلقي إلا ما يُلقى إلي , ولا أنزل في هذا المسطور إلا ما ينزّل به عليّ!!
المصدر : فصوص الحكم , ابن عربي, بتعليق العفيفي, 47-48 .
ولنا مقال حول هذا الموضوع بعنوان: فصوص الحكم قرآن العرفاء:

ثالثاً: انّ صرف المقصود من عبارة ابن عربي إلى أنه منعُ عمر عن كتابة الكتاب هو عذر باطل ومردود بتصريح ابن عربي نفسه حينما قال : لم ينص رسول الله على خلافة أحد!!
فقوله هنا مطلق أي أنه لم ينص أبداً على خلافة أحد!!

إنّ هذا التبرير مع كل التبريرات التي يسوقها العرفاء لصرف تصريح ابن عربي عن معناه هي في الواقع محضُ تهريج وإسفاف واستخفاف بعقول الناس غير أنّ ذلك كله يهون أمام ما ذكره الخميني تعليقاً على هذا التصريح!
فقد قال في تعليقته على الفص الداودي: قوله (أي ابن عربي): (وما نصّ بخلافة عنه) , الخلافة المعنوية التي هي عبارة عن المكاشفة المعنوية للحقائق بالإطلاع على عالم الأسماء أو الأعيان لا يجب النص عليها!!
تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس , الخميني , ص196-197 , طبعة مؤسسة باسدار إسلام.

أقول: من أين أتى الخميني بالخلافة المعنوية في نص ابن عربي ؟!
تصريح ابن عربي واضح وهو يعني الخلافة الظاهرية (الحكم)
ثم انّ هذه التي يسميها الخميني خلافة معنوية من قال بأنها أصلاً تُسمى خلافة؟ ما هذا العبث؟
خلافة الله على الأرض تكون في تعليم وإقامة شريعته وإرساء قواعد الحكومة الدنيوية العادلة من جهة السلطة.  أي أنها خلافة في التشريع والحكم.
أما ما يسميه الخميني خلافة معنوية فتلك تسمى مقامات الخليفة الشرعي وهذه لا تحتاج نصاً لأنها تظهر للعيان .. ومع ذلك الخميني ليس صادقاً في هذا!
فكم من النصوص المتواترة في مقامات وكرامات الإمام علي عليه السلام العظيمة من طرق الشيعة ومخالفيهم نذكر منها قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( أنا مدينة العلم وعلي بابها).
علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يشمل الاطلاع على كل حقائق الوجود وعلي باب مدينة علم رسول الله فبلا شك أو ريب له ذلك المقام.
فما أقبح  خطل الآراء وزلل الأهواء!
وقد وصف الطهراني تصريح الخميني بأنه رائع وجميل!! حينما قال: ويجيب القائد المعظم للثورة آية الله الخميني أعلى الله درجته في تعليقاته على « شرح فصوص الحكم » إجابة رائعة وجميلة على هذا الكلام!! ثم ينقل قول الخميني السابق!!
المصدر: الروح المجرد, الطهراني, ص336.

أقول : أراد الخميني أن ينقذ نفسه لأنه ادّعى بأنّ كتاب فصوص الحكم منزّل!! ونكران النص على الخلافة مخالف للتنزيل فوقع في مصيبة أخرى!!
وأراد الطهراني أن ينقذ ابن عربي من ناصبيته, ونكرانه النص على الخلافة الذي يُثبتُ عدم تشيعه, فسقط الطهراني في نفس المستنقع الذي وقع فيه الخميني!
تصريح ابن عربي واضح جداً وهو ينكر النص على الخلافة ظاهراً (حكماً) و تشريعاً أو (باطناً) كما يصطلح هو على تسميته ولكنّ الخميني أراد التمويه وادّعى انّ ابن عربي يقصد ما سماه الخميني الخلافة المعنوية التي عرّفها بأنها الاطلاع على عالم الاسماء والاعيان ولكنّ هذا القول باطلٌ أيضاً ولا يدفع عن ابن عربي نكرانه النص على الخلافة الظاهرية كما بيّنا, ولكي يمرّر الخميني هذا التأويل السخيف قام ببتر كلام ابن عربي ولم يأتِ بالنص كاملاً !!
فابن عربي يقول وبكل صراحة : مات رسول الله وما نص بخلافة عنه إلى أحد ولا عيّنه!!
ويقول بعدها : لعلمه أن في أمته من يأخذ الخلافة عن ربه، فيكون خليفة عن الله مع الموافقة في الحكم المشروع!!
فهل حكم أبي بكر وعمر و عثمان مشروع؟ وهل حكم باقي الطواغيت الذين ذكرهم ابن عربي ومن بينهم المتوكل العباسي مشروع؟؟!
ثم يؤكد ابن عربي بعدها على أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم يحدد ولم يعيّن أحداً بعده فقال: فلما علم ذلك رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم لم يحجر الأمر!!
فصوص الحكم, ابن عربي, ص163.
أقول : كيف لم يحجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) الأمر وقد نص على إتباع القرآن والعترة من بعده؟
فقال صلى الله عليه وآله : « إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي الثقلين ...كتاب الله...وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض».
وكيف لم يحجر رسول الله الأمر وقد قال : الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش من بني هاشم؟؟
أي قد حددهم وعينهم  بل وسمّاهم بأسمائهم كما في مصادرنا ومصادر القوم، وقد نص على ذلك القندوزي الحنفي صاحب ينابيع المودة.
ولقد ذكرنا بأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد نص على خلافة وإمامة أمير المؤمنين عليه السلام ظاهراً (الحكم) وباطناً كما يسميه ابن عربي وهو (التشريع) وذلك من خلال النصوص التي عرضناها وقد نص فيها رسول الله صلى الله عليه على خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في (الحكم) و (التشريع) واتّضحَ انه هو عليه السلام من له الهيمنة المطلقة على الأنفس والأموال.
فهل علمتم الآن لماذا اقتطع الخميني نص ابن عربي وبتره وأخرج معناه عن سياقه الطبيعي؟!
وهل هناك معنى لقوله هو والطهراني (أنّ الخلافة المعنوية لا يجب النص عليها) إلا الضحك على الذقون واستغفال الناس؟!
ليست سوى محاولة بائسة لإنقاذ نفسيهما وأتباعهما وانتشال ابن عربي من الورطة التي سقطوا في قعرها جميعاً معه!!

وقد يقول قائل أنّ الخميني قال بعد هذا النص : وأمّا الخلافة الظاهرة التي هي من شؤون الأنبياء والرسالة التي هي تحت الأسماء الكونية فهي واجب إظهارها ولهذا نص رسول الله صلى الله عليه وآله على الخلفاء الظّاهرة والخلافة الظّاهرة كالنّبوة تكون تحت الأسماء الكونية فكما يكون النبوة من المناصب الإلهية التي من آثارها الأولوية على الأنفس والأموال فكذا الخلافة الظاهرة والمنصب الإلهي أمر خفّي على الخلق لابدّ من إظهاره بالتنصيص .....إلخ
المصدر: تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس , الخميني , ص196-197 , طبعة مؤسسة باسدار إسلام.

أقول : نحن هنا لا نقول أن الخميني ينكر النص على الخلافة , ولكن نقول لماذا اختلق العذر لابن عربي باختلاق اصطلاح جديد اسمه (الخلافة المعنوية)؟ مع أنّ تصريح ابن عربي واضح في إنكار النص على الخلافة بمعنى القيادة والحكم؟!
فالخميني أراد التمويه فادعى انّ ابن عربي يقصد ما سماه الخميني الخلافة المعنوية!!

ومن تبريرات العرفاء ننتقل إلى  أقوال علمائنا الأبرار لكي يقف القارئ العزيز على رأي العلماء في ابن عربي حينما صرّح بهذا التصريح الخطير ونكتفي هنا بقول للشيخ محمد بن طاهر بن محمد بن حسين الشيرازي النجفي القمي المتوفى سنة 1098 هـ , المعروف بملا طاهر القمي ويعد من مشايخ إجازة ملا محمد باقر المجلسي , والشيخ الحر العاملي , وكان إمام جمعة وجماعة مدينة قم المقدسة وشيخ الإسلام فيها.
المصدر : ريحانة الأدب , ج4 ص487- 488.
يقول هذا الشيخ الجليل: قال محيي الدين (ابن عربي) في كتاب الفصوص أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد رحل من الدنيا ولم يعين خليفة له لأنه يعلم أنّ البعض سيأخذ الخلافة من الله ويتعلم الأحكام عن الله بدون واسطة الملك , ولا شك في أنّ هذا الاعتقاد كفر محض.
المصدر : تحفة الأخيار , ملا طاهر القمي, ص58.

الخلاصة :
تبيّن لكم من خلال هذه المقالة بأنّ ابن عربي ينكر النص على الخلافة ظاهراً (الحكم) وباطناً كما يسميه ابن عربي وهو (التشريع) وقد ذكر هذا الإنكار في كتابه فصوص الحكم الذي يعد عند العرفاء كالقرآن عديمُ المثال والنظير !!
ويزعم العرفاء بأنّ هذا الكتاب منزّل من السماء وقد تلقاه ابن عربي عن الله سبحانه وتعالى عن طريق رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام.
وهذا الادعاء الباطل هو ما دعى العرفاء للدفاع عن ابن عربي واختلاق التبريرات السخيفة لإخراجه من هذه الورطة فسقطوا فيها جميعاً.
فإذا كان الكشف الذي يدعيه عرفاء المتصوّفة ومن تابعهم ممن ينتسب للتشيع كخميني يأتي بأمور تخالف الأصول الثابتة في الكتاب والسنة القطعية المستقاة عن الرسول والعترة عليهم الصلاة والسلام, ويجعل العرفاء يتخبطون ويهرّجون بهذه الصورة المقززة! فما هي قيمة هذا الكشف؟!
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
طالب علم
19/5/1435هـ

الأحد، 23 مارس 2014

حوار مع شيخ العرفاء الأكبر .. فصوص الحكم قرآن العرفاء

فصوص الحكم قرآن العرفاء
"حوار مع شيخ العرفاء الأكبر"

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم
يزعم العرفاء والمتصوّفة بأنّ كل ما يكتبونه أو يتفوّهون به هو وحيٌ منزّل من قبل الله سبحانه وتعالى , فهم إما يتلقونه مباشرة عن الله بلا وسيط ! أو بالإلهام و حديث القلب أو عن طريق الوحي بواسطة جبرائيل!!
لكنهم يسمون كل ذلك (كشفاً) للتحايل والخداع لأنّ تسمية كشفهم بأنه وحيٌ بصريح العبارة سيعرضهم للإحراج في حال تقرّر اختبارهم في سائر المسائل بلا سابق إنذار!!
ولهم في هذا الخصوص عبارات كثيرة متفرّقة في طيات مصنفاتهم, ولكي نسلّط الضوء على هذا الموضوع دعونا نصحبكم معنا في هذه الرحلة الحوارية مع زعيم العرفاء الأكبر ابن عربي لنتباحث معه حول تفاصيل مختلفة في هذا الموضوع.

طالب علم : كيف حالكم يا شيخ العرفاء؟!
إبن عربي : يحمدني وأحمده ويعبدني وأعبده!
المصدر: فصوص الحكم, ابن عربي, ص83.



طالب علم : يا شيخ العرفاء دعك عن موضوع وحدة الوجود فنحن نريد التحدّث معك حول قضية أخرى شائكة!
هل صحيح ما نُقل عنك من أنّك تزعم بأنّ كتبك منزّلة من السماء كالقرآن وأنك تتلقاها عن الله سبحانه وتعالى كما يتلقى رسول الله (صلى الله عليه وآله) القرآن الكريم ؟!
إبن عربي : (نعم يا طالب علم) إنما نورد في كتابنا (الفتوحات المكية) وجميع كتبنا ما يعطيه الكشف ويمليه الحق (الله) هذا طريقة القوم (العرفاء).
المصدر : الفتوحات المكية , ابن عربي , ج2 ص424-425.

طالب علم : وما الفرق بين مؤلفاتكم ومؤلفات باقي العلماء؟!
إبن عربي: شتان بين مؤلف يقول حدثني فلان رحمه الله عن فلان رحمه الله وبين من يقول حدثني قلبي عن ربي وإن كان هذا رفيع القدر فشتان بينه وبين من يقول حدثني ربي عن ربي أي حدثني ربي عن نفسه!!
المصدر : الفتوحات المكية , ابن عربي , ج1 ص100.

طالب علم : على هذا فأنت تزعم هنا بأنك لا تنطق عن الهوى؟!
إبن عربي : (نعم يا طالب علم) لا أتكلم إلا على طريق الأذن كما أني سأقف عندما يحد لي فإنّ تأليفنا هذا (الفتوحات المكية) وغيره (كالفصوص) لا يجري مجرى التواليف ولا نجري نحن فيه مجرى المؤلفين فإن كل مؤلف إنما هو تحت اختياره وإن كان مجبوراً في اختياره أو تحت العلم الذي يبثه خاصة فيلقي ما يشاء ويمسك ما يشاء أو يلقي ما يعطيه العلم وتحكم عليه المسألة التي هو بصددها حتى تبرز حقيقتها ونحن في تواليفنا لسنا كذلك إنما هي قلوب عاكفة على باب الحضرة الإلهية مراقبة لما ينفتح له الباب فقيرة خالية من كل علم!!
المصدر : الفتوحات المكية, ابن عربي, ج1 ص102.

طالب علم : يا شيخ العرفاء إنّ في كتبك ما يخالف القرآن الكريم والحديث الشريف والعقل , فلربما ألفتَ الكتاب من رأيك وتوهمتَ أنه من الله؟!
إبن عربي: الله تعالى رتب على يدنا هذا الترتيب فتركناه ولم ندخل فيه برأينا ولا بعقولنا فالله يملي على القلوب بالإلهام جميع ما يسطره العالم في الوجود فإنّ العالم كتاب مسطور إلهي!!
المصدر : الفتوحات المكية , ابن عربي, ج2 ص163.

طالب علم : وكيف يملي الله عليك هذه الكتب؟ وأين؟
إبن عربي : إعلم (يا طالب علم ) أنه لما وصلت إلى هذا المنزل (المقام) في وقت معراجيَ الذي عرج بي ليريني من آياته سبحانه ما شاء ومعي الملك (أي جبرائيل) !
المصدر : الفتوحات المكية , ابن عربي , ج2 ص609

طالب علم: ما شاء الله! الله الله! لم تكتفِ بإدعاء الوحي بل زدتَ عليه القول بعروجكَ إلى السماء؟! لا ينقصك إلا القول بالعصمة والطهارة أيضاً؟!
إبن عربي :  نعم أنا معصوم ومطهّر وان ما يوحى إليّ فُرقان كالقرآن تماماً !
اللّه أنشأ من طيٍ وخولانِ ... جسمي فعدّلني خلقاً وسوّاني
وأنشأ الحق لي روحاً مطهرةً ... فليس بنيان غيري مثل بنياني
إني لأعرف روحاً كان ينزل بي ... من فوق سبع سماواتٍ بفرقانِ
المصدر : الفتوحات المكية , ابن عربي , ج3 ص442.
فالعلم الإلهيّ هو الذي كان سبحانه معلمه بالإلهام والإلقاء وبإنزال الروح الأمين (جبرائيل) على قلبه وهذا الكتاب (الفتوحات المكية) من ذلك النمط عندنا فو اللّه ما كتبت منه حرفاً إلا عن إملاء إلهيّ وإلقاء رباني أو نفث روحاني في روع كياني!!
المصدر : الفتوحات المكية , ابن عربي , ج3 ص442.
وقد بيّن حبيبنا القاضي الطباطبائي منزلتي الرفيعة فقال : ليس في البرايا بعد النبي والأئمة من يضاهي محيي الدين ابن عربي في معارفه العرفانية وحقائقه النفسية!!!
المصدر : العارف الكامل, ترجمة كمال السيد و أحمد العبيدي, ص11, التوحيد, كمال الحيدري ج1 ص 232 .

طالب علم : وما الدليل على كل ما ذكرته؟
إبن عربي : ألم تسمع ما قاله القاضي الطباطبائي عن كتابي الفتوحات حيث بيّن بأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!!
قال القاضي : لقد كتب محيي الدين (ابن عربي) كتاب « الفتوحات » في مكّة المكرّمة ، ثمّ بسط جميع أوراقه على سقف الكعبة وتركها سنة لتُمحى المطالب الباطلة منها ـ إن وُجدت بهطول الأمطار، فيتشخّص الحقّ منها عن الباطل . وبعد سنة من هطول الأمطار المتعاقبة جمع تلك الأوراق المنشورة فشاهد أنّ كلمة واحدة منها لم تُمحَ ولم تُغسلْ.
المصدر : الروح المجرد , الطهراني , ص341.

طالب علم : كلامك مضحك يا شيخ العرفاء ولكن لربما يكون القاضي الطباطبائي صادقاً في تلك الرواية! فالغيث طهورٌ ورحمة, ويبدو أنّ كتابك بلغ من نجاسة الكفر درجةً جعلت حتى الأمطار تتجنبه وهذا ما يفسّر عدم انمحاء حرف من كتابك ! بالفعل شر البلية ما دعاك للضحك!
انّ كلامك لا يقبله عاقل ولكن دعنا نجاريك في الحديث ونقول لك : كيف نَزَلَ عليك كتاب الفصوص ؟!
إبن عربي: (يا طالب علم)  إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مبشرةٍ (رؤية) أُريتها في العشر الآخرة من محرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق , وبيده صلى الله عليه وسلم كتاب , فقال لي: هذا (( كتاب فصوص الحكم)) خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به , فقلت: السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا . فحقّقت الأمنية وأخلصت النيّة وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حدّه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان , وسألت الله تعالى أن يجعلني فيه وفي جميع أحوالي من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سلطان , وأن يخصّني ما يرقمه بناني وينطق به لساني وينطوي عليه جناني بالإلقاء السّبُوحي والنّفث الروحي في الروع النفسي بالتأييد الاعتصامي , حتى أكون مترجماً لا متحكماً ليتحقق من يقف عليه من أهل الله أصحاب القلوب أنه من مقام التقديس المنزّه عن الأغراض النفسية التي يدخلها التلبيس, وأرجو أن يكون الحق لما سمع دعائي قد أجاب ندائي , فما أُلقي إلا ما يُلقى إلي , ولا أنزل في هذا المسطور إلا ما ينزّل به عليّ , ولست رسول ولكني وارث ولآخرتي حارث.
المصدر: مقدمة فصوص الحكم, ابن عربي , بتعليق العفيفي, ص 47- 48.

طالب علم : تقول بأن رسول الله أهداك الكتاب وقال لك : (هذا كتاب فصوص الحكم) , فهل تسمية كتاب الفصوص جاءت من هنا؟!
إبن عربي : نعم . لم أطلق على كتابي اسم فصوص الحكم وإنما جاء اسمه من عند الله تعالى وقد عرّف النبي الكتاب بهذا الاسم!! وهذا ما ذكره لكم الدكتور محسن جهانكيري أستاذ الفلسفة في جامعة طهران حيث يقول : يُستشفُ من عبارة ابن عربي (فقال لي هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به) انّ ابن عربي لم يطلق على كتابه اسم فصوص الحكم وإنما كان اسمه من عند الله تعالى أو انّ الرسول قد أسماه بهذا الاسم!!
المصدر : محيي الدين بن عربي الشخصية البارزة في العرفان الإسلامي , الدكتور محسن جهانكيري, ص 14- 15 .

طالب علم : انّ هذا القول من الطرائف ولكن ماذا عن قولك بأنّ الكتاب من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
إبن عربي : لكي تتيقن يا طالب علم من كون كتاب الفصوص مقدّس ستجد أنّ الله قد أمر حيدر الآملي بشرحه وقال بأنّ كتابي هو كتاب رسول الله حينما قال:
أمرني الحق تعالى بشرح فصوص الحكم الذي هو منسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأعطاه للشيخ الأعظم محيي الدين الأعرابي (كذا) قدس الله سره في النوم وقال له: أوصله إلى عباد الله , المستحقّين المستعدّين...
المصدر : جامع الأسرار, حيدر الآملي, ص 69.

طالب علم : إنّ إدعاءكم هذا ادعاءٌ باطل وبغير دليل فنحن الشيعة الإمامية لا نقبل بالأحلام كدليل (مستقل) نستند عليه ونركن إليه في عقائدنا فكل ما ذكرته من الأكاذيب واضحةِ البطلان!
إبن عربي : وكيف لا تصدّق يا طالب علم وقد شهد لي حيدر الآملي بالصدق حينما قال : إنّ الشيخ الحاتمي (ابن عربي) وليّ من أولياء الله تعالى والولي لله تعالى لا يقول إلا الواقع لأنّ صدور الكذب منه مستحيل!
المصدر : نص النصوص في شرح الفصوص , حيدر الآملي, ص105.

طالب علم : هل تقسم على أنه وحي منزّل؟
إبن عربي : واللّه ما كتبت منه حرفاً إلا عن إملاء إلهيّ وإلقاء رباني أو نفث روحاني في روع كياني!!
المصدر : الفتوحات المكية , ابن عربي , ج3 ص442.

طالب علم : يا شيخ العرفاء المتصوفة يكفي في رد كلامك انه متناقض يضرب بعضه بعضاً، فمرة تقول بأنّ النبي أعطاك الكتاب، ومرة تقول بأنك تلقيته مباشرة عن الله! وتناقضك هذا يكشف عن بطلان دعواك.
إبن عربي : يجيبك عن هذا حيدر الآملي حيث يقول : الكتاب فصوص الحكم يكون من رسول الله (صم) ويكون وصل إليه (لابن عربي) منه (أي من النبي) على الوجه المذكور من غير خلاف (عند العرفاء) ويكون فصوص الحكم عديم المثل والنظير مثل القرآن!!
المصدر : نص النصوص في شرح الفصوص , حيدر الآملي, ص104.

طالب علم : يا ساتر ! مثل القرآن؟؟!!
إبن عربي : نعم يا طالب علم مثل القرآن كما بيّن ذلك حبيبنا حيدر الآملي في قوله : كان للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتابان , النازل عليه والصادر منه . أما الكتاب النازل فالقرآن , وأما الكتاب الصادر فالفصوص , وبيّنا أنهما عديما المثال والنظير وانحصار نوعيهما في شخصيهما. أما الشيخ الأعظم (ابن عربي) فقد بينا أيضاً أنّ له كتابين : الواصل إليه والصادر منه, وأما الكتاب الواصل إليه (من النبي) فالفصوص , وأما الكتاب الصادر منه فالفتوحات , وبينا أنهما عديما المثال والنظير في نوعيهما وانحصار نوعيهما في شخصيهما.
المصدر : تفسير المحيط الأعظم , حيدر الآملي, ج1 ص22.
وقد ذكر الآملي في موضع آخر بدل كلمة (واصل إليه) كلمة (النازل لأجل الشيخ الأكبر فصوص الحكم)!!
المصدر : تفسير المحيط الأعظم , حيدر الآملي, مقدمة الطبعة الثانية (يا).

طالب علم : استغفر الله ربي وأتوب إليه ,, أعوذ بالله من هذا الكفر ,, تجعل كتاب الفصوص المشحون بالكفريات والخرافات في مقام القرآن الكريم الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ} لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
ولكنّ ما لفت انتباهي هو قول حيدر الآملي (من غير خلاف) فهل يعتقد كل العرفاء بأنّ كتاب فصوص الحكم منزّل كالقرآن ؟!
إبن عربي : نعم وهذا ما أكده  حبيبنا العارف حيدر الآملي أيضاً بقوله : لا شك ولا خفاء أنّ أرباب التحقيق وأصحاب الذوق (العرفاء) بأسرهم سلّموا هذا وأقرّوا به واتفقوا على أنّ هذا الكتاب (فصوص الحكم) وصل إليه من النبي (صم) على الوجه الذي أخبر به هو (ابن عربي) في أوله (أي في أول كتاب الفصوص) وقد كتبوا له شروحاً ومدحوه مدحاً لا مزيد عليه, وإلى الآن وهم على هذا والحق في طرفهم وليس الحال إلا كما ذهبوا إليه.
المصدر : نص النصوص في شرح الفصوص , حيدر الآملي, ص102.
فلاحظ يا طالب علم قوله (بأسرهم) فهي تدل على أنهم جميعاً يعتقدون بهذا!!

طالب علم : قال تعالى : {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}
إنّ الله سبحانه وتعالى نفى إمكانية أن يأتي أحد بمثل القرآن الكريم بحيث لو اجتمعت الجن والأنس على أن يأتوا بمثله لا يستطيعون ! فكيف تدّعون انّ فصوص الحكم المشحون بالهرطقات مماثل للقرآن الكريم؟!
إبن عربي : إنّ الفصوص والفتوحات وكل ما نكتبه كالقرآن لا يستطيع أحد أن يتأتي بمثله!!
طالب علم : وما دليلك على هذا الادعاء الفارغ؟!
إبن عربي : وهل الطباطبائي (صاحب الميزان) يقول شيئاً فارغاً؟ إنّه قد قال بكل صراحة: لم يستطع أحد في الإسلام أن يأتي بسطر واحد كمحي الدين (ابن عربي)!!
المصدر : التوحيد, كمال الحيدري,ج1 ص232, نقلاً عن شرح المنظوم ,المطهري, ج1 ص239.
طالب علم :لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! وماذا عن المعارف التي سجّلها الأئمة عليهم السلام وأصحابهم؟ كيف قدمتم عليها خزعبلاتكم يا ابن عربي ؟!
إبن عربي : إذهب واسأل الطباطبائي (صاحب الميزان).

طالب علم : سوف يسأله منكر ونكير عن هذه وغيرها من أباطيل العرفاء في قبره!
طيّب .. ولماذا يا ابن عربي نُزّل فصوص الحكم على النبي أولاً (كما تدّعي) ثم  إليك؟! لماذا لم ينزّل عليكَ مباشرة؟!
إبن عربي : لقد وضّح حبيبنا حيدر الآملي بأنّ كتابي (فصوص الحكم) لا يمكن صدوره عن أي أحد إلا عن رسول الله لأنه كالقرآن عديم المثال والنظير!!
فيقول : فمثلُ هذا الكتاب (فصوص الحكم) المشتمل على أعظم أسرار أنبياء الله تعالى وعلومه وأشرف رسله وأوليائه وخواصه لا يجوز صدوره إلا من مثل هذا النبي الكامل المكمّل المطلع على علوم الأولين والآخرين لأنه ( أي كتاب فصوص الحكم) لو كان صدوره من غيره, أي من غير هذا النبي الكامل المكمّل, لكان وضعاً للشيء في غير موضعه كالقرآن, أعني كما أنّ القرآن لم يجوز أن ينزل على غيره ... فكذلك صدور هذا الكتاب الموسوم بالفصوص فإنه لا يجوز أن يصدر عن غيره!!!
المصدر : نص النصوص في شرح الفصوص , حيدر الآملي, ص81.

طالب علم : إنّ هذا الادعاء مرفوض عند العقلاء ولا يقبله العلماء والفقهاء فقد قال الميرزا حبيب الله الخوئي (قدس سره) رداً على إدعاءك هذا:  ولعمري إن هذه الرؤيا إما إفك و إفتراء لا أصل لها أصلاً , وإنما نسجها من تلقاء نفسه لتفتين مردته الحمقاء وترويج كتاب ضلاله  أو أضغاث أحلام نفثها الشيطان في روعه وألقاها في أمنيته وكيف يمكن أن يؤتيه النبي كتاباً فيه هدم أساس دينه وتخريب بنيان مذهبه وملّته؟
المصدر: منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة, الميرزا حبيب الله الخوئي,ج13 ص165.
فما تقول يا ابن عربي رداً عليه؟!
إبن عربي : كفانا مؤونة الرد على هذا حيدر الآملي حين قال: اعلم أن بعض الناس (الفقهاء) من المحجوبين عن الله تعالى وعن أسراره المكنونة في الأنبياء والأولياء قد ظنوا أن هذه الصورة التي جرت بين النبي صلى الله عليه وآله والشيخ (ابن عربي) قدس الله سره لم تكن واقعة ولا صحيحة في نفس الأمر بل كانت كذباً وافتراء على النبي كما ظن بعض الكفار هذا المعنى في القرآن بعينه ونسبوه إلى السحر والشعر والافتراء والكذب.
المصدر : نص النصوص في شرح الفصوص , حيدر الآملي, ص77.

طالب علم : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! ساويتم الفقهاء العظام بكفار قريش؟!! وكل هذا لعدم قبولهم بكتابكم الخرافي فصوص الحكم؟!
دعك من كل هذا يا شيخ العرفاء ولنرجع إلى قولك بأنّ كتابك فصوص الحكم منزّل كالقرآن ( على حد زعمك)
لقد وجدنا العارف القيصري وهو صاحب أكبر وأهم شرح لكتابك الفصوص, يقول في شرحه للمقدمة: "قوله (أي ابن عربي ) خذه واخرج به (أي أخرج بكتاب الفصوص) إلى النّاس أي خذه منيّ في سرك وغيّبك واخرج به إلى عالم الحس والشهادة بتعبير إيّاه وتقريرك معناه بعبارة تناسبه وإشارة توافقه "
المصدر : تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس, للخميني 49  وفي طبعة لبنان فصوص الحكم بتعليق الخميني, ص 26  .
أقول : إنّ معنى كلام القيصري في قوله (بتعبيرك إياه وتقريرك معناه) هو أنّ فكرة كتاب فصوص الحكم من رسول الله صلى الله عليه وآله والمترجم والمعّبر عن هذه الفكرة هو أنت.
المعنى واضح يا ابن عربي فليس كتاب فصوص الحكم منزّل عليكم كما تدّعي بل هو من تعبيركم أنتم كما قال القيصري!
إبن عربي : ألَم تقرأ يا طالب علم استدراك الخميني على الشارح بنفي تلك النسبة فقد جاء تصريحهُ اعتراضاً على قول القيصري قائلاً له: ليس ما ذكر (ابن عربي) تعبيراً بل تنزيل فإنّ ما تلّقاه (ابن عربي ) سرّ أهل المعرفة من الكمّل!!
المصدر : تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس, للخميني 49  وفي طبعة لبنان فصوص الحكم بتعليق الخميني, ص 26  .
فتلاحظ يا طالب علم أنّ الخميني ينص بكل صراحة على أنّ كتابي منزّل ويرفض قول القيصري بأنّ الكتاب من تعبيري وانشائي!
ولتأكيد معنى كون كتابي منزّل قال الخميني أيضاً : وهذا الكتاب (فصوص الحكم) لمّا كان بحسب مكاشفة الشّيخ (ابن عربي) من عطيّات رسول الله صلّى الله عليه وآله ومنحه وهي بعينها عطيّات الله تعالى تكون هداية الطالبين وإرشاد المسترشدين!!
المصدر : تعليقات على شرح فصوص الحكم ومصباح الأنس, للخميني 49 - 52 وفي طبعة لبنان ص 26 - 27 .

والجميعُ يعلم يا طالب علم بأنّ الصادر عن رسول الله هو نازلٌ عليه فيكون كتابي فصوص الحكم حسب تصريح الخميني هذا تنزيلٌ أيضاً!! وهو كتاب هداية وارشاد كما ذكر في نفس النص!
ومحاولة بعضهم صَرف كلمة (التنزيل) عن معناها محاولة بائسة لا يمكن صمودها أمام كل هذه الأدلة والبراهين التي ذكرتُها لك إلى جانب القرائن الدالة على ذلك.
إنّ كلامي وكلام العرفاء هو عن كون هذا الكتاب الذي بين يدّي هو (تنزيل) تلقيتهُ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
يا طالب علم باللهِ عليك رسول الله يتلقى عمن؟
عن الجن مثلاً؟
فلا معنى لقول المعترضين أنّ المراد هو التلقي عمن هو أعلى.
أنا (ابن عربي) أتلقى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي هو بدوره يتلقى عن الوحي لا شك!

طالب علم:
إلى هنا ننهي حوارنا معكم يا شيخ العرفاء المتصوفة بعد أن اتضحَ بجلاء إن شاء الله لمن تابع حوارنا معكم  بأنّك تدّعي الوحي، وتزّعم أنك تلقيتَ كتاب فصوص الحكم  عن الله تعالى بواسطة رسول الله صل الله عليه وآله. وجميع أصحابك العرفاء أيضاً يعتقدون بقدسية هذا الكتاب وانّه منزّل من السماء كالقرآن وانه عديم المثال والنظير ولم يستطع أحد في الإسلام أن يأتي بسطر مثله! وأنّ تسميته أيضاً كانت عن الله سبحانه وتعالى، بينما لو تفحّص القارئ الكريم هذا الكتاب لوجد فيه ما يناقض القرآن الكريم والسنة المطهرة والعقل فهو كتاب مشحون بالكفريات والخزعبلات كقولك بوحدة الوجود وتشبيه الله بخلقه ورؤية الله في الآخرة! وقولك (والعياذ بالله) بكفر مؤمن قريش شيخ البطحاء أبي طالب صلوات الله عليه وإيمان فرعون! بل القول بأنّ فرعون من العرفاء الشامخين. هذا عدا عن قولك بعدم النص على الخلافة وقولك بانتهائية العذاب في نار جهنم وتحوّل العذاب إلى عُذُوبة! وقولك بأنّ الذبيح إسحاق وليس إسماعيل، وقولك بتخطئة الأنبياء وتصحيح عمل الكفار! وغيرها من الكفريات والخرافات الكثيرة التي لا يسع المجال لذكرها..
إنّ إقرار العرفاء بأن كتابك فصوص الحكم منزّل من السماء يعني نسبة تلك الكفريات والخرافات المسطّرة في كتابك لله ورسوله (والعياذ بالله)!!
قال تعالى {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}
فإذا كان أصحابك العرفاء على هذا المستوى من الإسفاف والتهريج , لا يحترمون عقولهم ولا عقول الآخرين ويزعمون مثل تلك المزاعم المفضوحة, البيّنة البطلان ويتجرّؤن على الله ورسوله بدون أدنى حياء أو وجل , فكيف نصدّق  خزعبلات كشفهم ونأمن مكرهم؟!
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
طالب علم
13/5/1435هـ

الأحد، 2 مارس 2014

هل شاكل السيد الخوئي فضل الله الأهوائي؟!

هل شاكل السيد الخوئي فضل الله الأهوائي؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم
نُشر عبر وسائل الاتصال منشور بعنوان (فضل الله وأستاذه الخوئي يقولان بسهو النبي) ينسب فيه الناشر  إلى السيد الخوئي (قدس سره) القول بالسهو في الموضوعات الخارجية!
وقد طار بهذا المنشور فرحاً أصحاب فضل الله الذين يتشبثون بكل قشه لتبرير انحرافات صاحبهم العقدية ومطاعنه في عصمة المعصومين عليهم السلام.
جاء في المنشور قول السيد الخوئي : القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية. والله العالم.





أخي القارئ الكريم ينبغي قبل نقل أي شيء التثبّت ومراجعة المصادر والتأكد من القضية من شتى جوانبها قبل نشرها!
قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
انّ السيد الخوئي رحمه الله لا ينسب السهو للمعصوم مطلقاً وقد خدع صاحب هذا المنشور بعض المؤمنين السذج إذ أنه لم ينقل لهم السؤال حتى يعرفوا لماذا قال السيد الخوئي قدس سره هذا الجواب! و حينها سيفهمون معنى الجواب وفقاً لاصطلاحات الأصوليين على وجهه الدقيق..
أخي القارئ الكريم إنّ ما نسبه صاحب المنشور للسيد الخوئي رحمه الله هو محض افتراء ولو راجعت السؤال لتبين لك هذا الأمر .
وكمقدمة لبيان بطلان هذا الافتراء ننبهك على أنّ القول بالسهو الاسهائي في الموضوعات الخارجية بغرض التعليم وما أشبه قال به الشيخ الصدوق رحمه الله استناداً إلى حادثة وردت من طرقنا بهذا الخصوص، والروايات المُعارضة لها هي روايات إطلاقية ليست في خصوص الحادثة الواردة في رواية ذي اليدين ولذا تكاد تكون موازية يصعب شيئاً ما فيها الترجيح بمثل مخالفة روايات أهل العامة وفي هذا تفصيل ليس هاهنا محله.. وهذا ما أوقع من ذهب لهذا القول كالشيخ الصدوق في مثل هذه العثرة.
قول جمهور الفقهاء والعلماء بنفي السهو مطلقاً وهو القول المنصور عند الإمامية يستند مع الروايات ذات اللسان الاطلاقي في المعارضة  إلى أدلة عقلية ومضامين حمليّة من خلالها يرجحون الطائفة المعارضة..

ثانياً: نقول إنّ صاحب المنشور إما ليس ممن يستوعب جيداً أدبيات أهل الأصول وهذا ما أوقعه في الالتباس عند قراءته للنص، وإما أنه يتغافل!
إنّ عدم كتابة صاحب المنشور للسؤال وتعمده لعدم ذكره يضع على مقصد ونيّة صاحبه أكثر من علامة استفهام!
يقول موسى مفير الدين جامع الفتاوى في مقدمة كتاب منية السائل: ولابد من التنبيه على أن الجواب إنما يكون على طبق السؤال، وقد حرص السيد ( الخوئي قدس سره) على هذا عندما كان يردد في مفروض السؤال كذا... أو في الصورة المفروضة كذا... فلا يذهبن بك الظن إلى توهم التعارض بين هذه الفتاوى وبين الرسالة العملية، بل أنعِم النظر ترشد وتهتد.
ذات كلام جامع الفتاوى نقوله للقارئ الكريم ونسأله لماذا أعرض صاحب المنشور عن ذكر السؤال؟!!
السؤال يفسر حقيقة جواب السيد الخوئي رحمه الله حيث سماحته يجيب بشأن السهو الاسهائي حيث لم يرد فيه عند من قال به سوى ما تعلق بقضية خارجية...

إليكم نص السؤال كما ورد في منية السائل لتفهموا أنّ الجواب كان طبقاً للسؤال ومعه ننقل نص جواب السيد رحمه الله:
(س) ما هي حقيقة الحال في مسألة إسهاء النبي (ص) عن صلاة الصبح، وهل يلزم أن يسهي الله تعالى نبيه (ص) ليعلم أنه ليس بإله، والله تعالى يقول: (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق) - الفرقان - 25 - 7 - إلى آيات أخرى تدل على أنه بشر علاوة على ولادته ووفاته (ص) ثم هل يلزم أن يسهي الله تعالى رسوله (ص) لتكون رحمة للامة لكي لا يعير أحد أحدا إذا نام عن صلاته، وقد أجرى الله سبحانه كثيرا من أحكامه على أناس آخرين لا على الرسول نفسه (ص) هذا إذا لاحظنا أنه (ص) كان قد (أنيم) وليس (نام) والفرق واضح بين الحالتين؟ وهل صحيح أن ذا اليدين الذي تدور عليه روايات الاسهاء أو السهو لا أصل له وأنه رجل مختلف كما يذهب إلى ذلك الشيخ الحر العاملي قدس سره في رسالته التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان؟
(ج) القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية. والله العالم.

تأمل أخي القارئ الكريم  فيما ذكره السيد الخوئي في جوابه بقوله (القدر المتيقن): إنّ القدر المتيقن وهو ذلك الذي لم يقل بإمكان السهو فيه أحد قط من خلف فقهاء الشيعة وسلفهم هو ما تعلق بغير الموضوعات الخارجية، وهذا لا يعني انّ سماحته معتقد بجواز السهو الاسهائي على المعصوم في الموضوعات الخارجية فتنبّه..
إذا فهمت أخي القارئ ماذا يعني اصطلاح (القدر المتيقن) عند أهل الأصول تعرف أنّ السيد الخوئي إنما يجيب حول قضية السهو بما هي من حيث المجموع عند الإماميّة..
يستخدم الأصوليون اصطلاح (القدر المتيقن) عند عدم انعقاد الإطلاق في قضية ما وهذا منطبق على قضية السهو حيث رأي الشيخ الصدوق رحمه الله وبعض من تابعه خارق للإطلاق الإجماعي في هذه القضية.. وإنّ بيان هذا الواقع من قبل السيد الخوئي رحمه الله ليس يعني أنّ سماحة السيد ينتمي للحزب القائل بجواز السهو الإسهائي على المعصوم كما قال به الشيخ الصدوق رحمه الله..
ومما يؤكد صحة ما بينّاه هو أنّ السيد الخوئي رحمه الله قد طرح الروايات التي تنسب السهو للنبي صلى الله عليه وآله فقال في كتابه العروة الوثقى : انّ هذه الروايات في أنفسها غير قابلة للتصديق ، وإن صحت أسانيدها لمخالفتها لأصول المذهب, على أنها معارضة في موردها بموثقة زرارة المصرحة بأنه (صلى الله عليه وآله) لم يسجد للسهو قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل سجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سجدتي السهو قط ؟ قال : لا ولا يسجدهما فقيه. فلابد من ارتكاب التأويل أو الحمل على التقية أو الضرب عرض الجدار".
المصدر: العروة الوثقى,الخوئي, ج6 ص329.

كما أن السيد الخوئي (قدس سره) نفى أن يسهو المعصوم في القضايا الخارجية فقد نقل تلميذه السيد رضا الخلخالي في كتابه (المعتمد في مناسك الحج) من  دروس السيد الخوئي تعليقة على رواية تنص أن أمير المؤمنين عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد ...الخ , وتناول السيد الخوئي هذه الرواية بالنقد وكان مما قاله رحمه الله : نعم هنا إشكال آخر وهو منافاة الإتيان بالشوط الثامن سهواً لعصمة الإمام (عليه السلام) حتى في الأمور الخارجية وذلك مناف لمذهب الشيعة فيمكن إخراج هذه الرواية مخرج التقية في إسناد السهو إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
المصدر: العصمة عند السيد الخوئي وعند المشككين, ص 61- 62.

فتلاحظ أخي القارئ انّ السيد الخوئي ينفي السهو في الأمور الخارجية أيضاً وينص على أنّ هذا القول مناف لمذهب الشيعة..
أما قول فضل الله فهو طعن صريح في عصمة النبي والإمام  حيث قال: العقل لا يحكم بضرورة امتناع الخطأ والنسيان والسهو على النبي أو الإمام!
فلم يبقَ للعصمة أي معنى بعد هذا التصريح!
فأينَ هذا القول من عبارة السيد الخوئي رحمه الله؟
فمن الإجحاف بحق السيد الخوئي (قدس سره) أن يقرنه صاحب المنشور بهذا الضال المضل!
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
طالب علم
21/4/1435هـ

"الصدوق وفضل الله " .. "قياسٌ باطل مروّجهُ عاطل"

"الصدوق وفضل الله "
"قياسٌ باطل مروّجهُ عاطل"

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم

يروّج أصحاب فضل الله هذه الأيام شبهة مفادها بأن الشيخ الصدوق (قدس سره) قال بسهو النبي صلى الله عليه وآله فهل ستحكمون عليه بالضلال كما حكمتم على فضل الله بأنه ضالٌ مضل؟!

الجواب:
هذه الشبهة أصبحت شماعة لكل من يريد تمرير الانحرافات والخروقات للدين وقد تمسك بهذه الشبهة بعض مرضى القلوب لتبرير انحرافات قادتهم العقائدية.
وردنا على هذه الشبهة في عدة نقاط:
أولاً : أننا لا نطعن في أي عالم أخطأ هكذا تجنياً وتحاملاً عليه فكل العلماء معرضون للاشتباه والخطأ في مسألة ما وإنما نحن نحارب من يكون انحرافه منهجاً وخطاً وطريقاً كمنهج العرفاء والمتصوّفة مثلاً , فهم يسلكون مسلكاً وينتهجون منهجاً مخالفا لأهل البيت عليهم السلام تماماً.
نحن نطعن في أصحاب هذه المناهج المنحرفة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال حملها على الاشتباه والخطأ لكونها تشكل خرقاً سافراً للدين والعقيدة.

ثانياً : العالم قد يقع في الخطأ والاشتباه في مسألة أو مسألتين أو ثلاث أما فضل الله لا يعتبر مخطئاً أو مشتبهاً لأنه خالف العقيدة في عشرات المسائل بل المئات حيثُ أحصى عليه أحد العلماء أكثر من ألف وثلاث مائة مخالفة!! ناهيكَ عن مخالفاته الفقهية وغيرها! فلا يمكن حمله على الخطأ أو الاشتباه والحال  هو هذا..

ثالثاً : الشيخ الصدوق (قدس سره) لم يقل بسهو النبي صلى الله عليه وآله بل قال بأنه يجوز الإسهاء للنبي أي أنّ الله تعالى وبإرادة منه يُسهي نبيه بغرض بيان قضية معينة في حادثة مخصوصة وبإرادة من الله تعالى وهناك فرق بين القولين مع العلم بأننا لا نؤيد أيضاً القول بإسهاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
وقد حدث هذا الاشتباه للشيخ الصدوق بسبب قبوله رواية ذي الشمالين.
لقد ردّ الشيخ المفيد في رسالة خاصة على ذلك، وخالف الصدوق وقال: ان ذلك جاء من خبر الآحاد الذي لا يفيد اليقين.
الشيخ الصدوق لا يتحدث عن السهو العندي أي السهو الذي يكون ذاتياً من رسول الله صلى الله عليه وآله فهو يتكلم عن الإسهاء بإرادة من الله تعالى لبيان حكم معين في ظرف معين..

يقول الشيخ الصدوق: هذا لا يلزمنا ، وذلك لان جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي صلى الله عليه وآله فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي ، وليس كل من سواه بنبي كهو ، فالحالة التي اختص بها هي النبوة والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة لأنها عبادة مخصوصة والصلاة عبادة مشتركة ، وبها تثبت له العبودية وبإثبات النوم له عن خدمة ربه عز وجل من غير إرادة له وقصد منه إليه نفي الربوبية عنه ، لان الذي لا تأخذه سنة ولا نوم هو الله الحي القيوم ، وليس سهو النبي صلى الله عليه وآله كسهونا لان سهوه من الله عز وجل وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا من الشيطان وليس للشيطان على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة صلوات الله عليهم سلطان " إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون " وعلى من تبعه من الغاوين.
المصدر : من لا يحضره الفقيه ,الشيخ الصدوق , ج 1, ص 359 ,360.
فالشيخ الصدوق لم يطعن في أصل عصمة النبي فينسب له السهو الأصيل الذاتي الناشيء من النقص بل قال بإسهاء النبي صلى الله عليه وآله من الله تعالى و بإرادته جل وعلا لبيان قضية معينه في مورد محدد وكان ذلك لشبهة عرضت للشيخ الصدوق بناءً على رواية واردة في مصادرنا . ومع ذلك رأيت ما كان من أسلافنا تجاهه وكيف انبروا وتصدوا للرد عليه مع ما له من جلالة قدر.
دائما نقول: العالم يُحتج له ولا يُحتج به. وانما نأخذ من كلام العالم ما يسنده الدليل والبرهان.
العجيب أنهم يريدون أن يقارنوا اشتباه الشيخ الصدوق في مسألة احتكم فيها الشيخ وخصومه إلى روايات المعصومين فقط بمن هو صاحب منهج منحرف بأكمله!

قال فضل الله : العقل لا يحكم بضرورة امتناع الخطأ والنسيان والسهو على النبي أو الإمام!
فلم يبقَ للعصمة أي معنى بعد هذا التصريح!
المصدر: في رحاب أهل البيت , فضل الله, ص404, فقه الحياة , فضل الله, ص268.

رابعا ً :  لقد عاش الشيخ الصدوق (قدس سره) في القرن الرابع الهجري ولا يوجد في ذلك العصر وسائل اتصال كما هو الحال اليوم لذلك كان من الصعوبة بمكان الوصول لكل الأحاديث  الواردة عن أهل البيت عليهم السلام وكذلك يصعب تواصل العلماء ومحاورتهم لكي تتنقح الأفكار , بينما عاش فضل الله في هذا العصر وهو عصر الطفرة المعلوماتية فكل الأحاديث موجودة بين يديه وبكبسة زر واحدة يصل إليها. وكذلك يستطيع التواصل مع العلماء ومناقشتهم في هذه المسائل ,وقد تم ذلك وناقشه العلماء في مخالفاته ولكنه أصرّ على الضلال والانحراف فكيف يقاس هذا المنحرف الضال المعاند بالشيخ الصدوق (قدس سره) الذي أقصى ما يقال فيه أنه مشتبه وقد طلب الحق فأخطأه في قوله بالإسهاء للنبي فهو اعتمد على رواية ذي الشمالين فوقع في الخطأ والاشتباه بناءً على تلك الرواية المنسوبة لأهل البيت عليهم السلام لذا نحن نحمله على محمل حسن ولكن لا نسكت عن خطئه و نبين ما وقع فيه من خطأ.
هناك فرق كبير جداً في التعامل مع العالم المشتبه الذي وقع في الخطأ لشبهة عرضت له , وبين العالم المنحرف الذي يسلك المسالك المنحرفة ويأخذ دينه عن المنحرفين أو ينتقي سقطات العلماء ليبني بها ديناً جديداً يعتقد به!!
ومع أن الشيخ الصدوق مشتبه ولكن تعامل معه الشيخ المفيد بشدة وقسوة في بعض الموارد في كتابه تصحيح الاعتقاد , وكان ذلك من باب حرصه على سلامة العقيدة رغم كون ما وقع فيه الشيخ الصدوق من قبيل الاشتباه وأخطاء غير مقصودة.. وذلك عين ما يفعله الأئمة عليهم السلام مع أجلاء أصحابهم , فحينما يقع أحدهم في اشتباه معين أثناء حواره مع المخالفين فإنهم عليهم السلام يعاتبونه وفي بعض الأحيان يكون العتاب شديداً بعض الشيء.
ولكن إذا انحرف ذلك الصاحب واتبع منهجاً منحرفاً تجد ردة فعل الأئمة عليهم السلام شديدة جداً كما حدث مع الشلمغاني حينما اعتنق دين الحلاّج وعلي بن أبي حمزة البطائني الذي ادعى الوقف وغيرهما.
تجد هنا جواب جعفر مرتضى العاملي حول مسألة الإسهاء والسهو:

وتجد هنا بحثاً مفصّلاً حول المسألة وتوضيحاً لرأي الشيخ الصدوق ، وتفريقه بين السهو والإسهاء:

الخلاصة:
تبين من خلال هذه المقالة القصيرة فساد مساواة الشيخ الصدوق (أعلى الله درجاته) بفضل الله الضال المضل فليس من اشتبه وأخطأ  في مسألة واحدة يوجد فيها للإعذار باب ومحّمل كمن خالف العقيدة في مئات المسائل, وليس من أخطأ في مسألة من المسائل كمن أسس للمناهج الباطلة!

لذلك نقول لأتباع فضل الله بأنّ قياسكم لمخالفات فضل الله الممنهجة ببعض الشبهات التي وقع فيها علماؤنا الأبرار قياس باطل.
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
طالب علم
25/4/1435 هـ