السبت، 5 سبتمبر 2020

السيد منير الخباز يُنزِّه نفسه عن تبني أفكار العرفاء .. ولكن ؟!

 السيد منير الخباز يُنزِّه نفسه عن تبني أفكار العرفاء .. ولكن ؟!

 

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين، إلى قيام يوم الدين.

مقدِّمة تذكيرية:

نشرنا قبل أيام مقالة قصيرة بعنوان: (بَتْرٌ للنَّصِ وتحريفٌ للمعنى) وهي عبارة عن مقطع من كتاب: (للّه ثم للضمير وقفةٌ مع السيد منير)

عرضنا في سطورها نموذجا من النصوص الدينية التي بترها العرفاء وحرّفوا معانيها وقد ذكرها السيد منير الخبّاز مبتورة كما يفعل العرفاء المتصوفة في محاضرة بعنوان: (ظمأ القلب ومَعين العرفان).

وهذا هو المقطع المرئي:

http://youtu.be/NJeRT8Mc-nc

قال السيد منير: (ولذلك وصفهم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في بعض أحاديثه "هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة؛ و باشروا روح اليقين؛ واستلانوا ما استوعره المُترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الناس في الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى" هؤلاء هم العرفاء الحقيقيون الذين ساروا على خطى أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) (مقطع من محاضرة بعنوان: "ظمأ القلب ومعين العرفان").

أقول: الحديث مبتور! وقد بتر الحديث لكي يَحرِفه عن معناه الحقيقي! فالإمام عليه السلام بصدد الحديث عن حجج الله تعالى وهم المعصومون عليهم السلام، إلا إذا كان العرفاء يدّعون العصمة ومراتبها فهذا شئ آخر!

يقول أمير المؤمنين عليه السلام لكميل ابن زياد: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته ورواة كتابه، وأين أولئك؟ هم الأقلون عدداً، الأعظمون قدراً، بهم يحفظ الله حُجَجهُ حتى يودعه نُظراءهم ويزرعها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقائق الإيمان، فباشروا روح اليقين واستلانوا ما استوعر منه المترفون واستأنسوا بما استوحش منه الجاهلون. صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى، يا كميل أولئك أمناء الله في خلقه وخلفاؤه في أرضه وسُرجه في بلاده والدعاة إلى دينه. واشوقاه إلى رؤيتهم أستغفر الله لي ولك)( تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص171).

فتلاحظ أخي القارئ كيف بتر الحديث وحرّف معناه وحوله من خاص إلى عام وأدخل فيه عموم العرفاء! (انتهى).

 

مُدافعة أنصار السيد الخبّاز:

كان ما سبق سرده في المقدمة الآنفة هو ما نشرناه قبل أيام، فجاء الاعتراض من بعض أتباع السيد منير الخبّاز بأنّ المعني في تلك العبارة من الرواية الشريفة هم (العلماء الأبرار) وليس (الأئمة الأطهار عليهم السلام)، فجاء في اعتراضهم:

(نهج البلاغة: والعلماء باقون ما بقي الدهر. أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة. ها، إن ههنا لعلما جما (وأشار إلى صدره) لو أصبتُ له حمَلة، بلى أصبت لقنا غير مأمون عليه، مستعمِلا آلة الدين للدنيا، ومُستظهرا بنعم الله على عباده، وبحججه على أوليائه، أو منقادا لحملة الحق لا بصيرة له في أحنائه، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة. ألا لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذة سلس القياد للشهوة، أو مغرما بالجمع والادِّخار ليسا من رعاة الدين في شئ. أقرب شئ شبها بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة. إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته. وكم ذا ؟ وأين أولئك؟ أولئك والله الأقلون عددا والأعظمون قدرا. يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا...)

فيقول المعترضون: إنّ الحديث عن العلماء وليس عن الأئمة عليهم السلام وقوله عليه السلام: (يحفظ الله بهم حُججه) الحجج هم الأئمة و(بهم) الضمير يعود إلى العلماء. (انتهى).

 

أقول: لا شأن للصفات المذكورة في ذيل الرواية (بعموم) العلماء.

العالم الرباني على قسمين:

الأول: العالم الرباني (الكامل) وهو الحجة المعصوم.

الثاني: العالم الرباني الفقيه العادل الآخذ عن المعصوم.

والصنف الثاني لا يصل إلى تلك المرتبة الا بأن يكون: متعلما على سبيل نجاة، وهو يأخذ عن الصنف الأول وهو العالم الرباني الكامل الحجة المعصوم عليه السلام. وهكذا يكون من يأخذ عن الفقيه العادل.

ومن لم يكن من ذلكما القسمين فيكون من: الهمج الرعاع.

• الكلام في (صدر) الرواية -أي مطلعها- حول القسم الثاني من العلماء أي العلماء الذين هم ((دُون)) العالم الكامل الحجة المعصوم الذي لا يخلو منه زمان وهو إمّا ظاهر أو غائب مستور كما ورد في النص، وهذه صفة الحجة المعصوم.

فنقول أنّ صدر الرواية يتحدث عن هذا القسم من العلماء ، وأما شمول الحجة المعصوم عليه  السلام من باب كونه المصداق الأول والأكمل فهذا لا شك فيه.

فلماذا لم يتم نقل هذا المقطع من صدر الرواية؟

(إحفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة، وهمج رعاع  أتباع كل ناعق....). ( تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص169-170).

فالمولى صلوات الله عليه بصدد التفصيل، حيث يمضي عليه السلام في تفصيل فضل المتعلم على سبيل نجاة والعالم الذي هو دُون المعصوم في الرتبة:

(يا كميل العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تفنيه النفقة والعلم يزكو على الانفاق، العلم حاكم والمال محكوم عليه، يا كميل بن زياد محبة العالم دين يُدان به، به يكسب الانسان الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته، ومنفعة المال تزول بزواله، مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة وأمثلتهم في القلوب موجودة، ها إن ههنا لعلما جما - وأشار إلى صدره - لم أصب له خزنة...). ( تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص170).

ثم يختم الامام عليه السلام ببيان صفات العالم الرباني ((الكامل)) وهو الحجة المعصوم الذي يكون ظاهراً مشهوراً أو غائباً مستوراً ولا يخلو منه زمن من الأزمان.. فجاء في النص: (لا يخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته ورواة كتابه، وأين أولئك؟ هم الأقلون عدداً، الأعظمون قدراً، بهم يحفظ الله حججه...).

وأما قوله عليه السلام: (بهم يحفظ الله حججه وبيِّناته) فراجعة لنفس العالم الذي وُصف بأنه (إما ظاهر مشهوراً أو خائفا مغمورا) وهو الحجة المعصوم عليه السلام.

أما الفقهاء فدورهم طوليٌّ فَرعي وليسوا معنيين هنا بهذا الوصف، فالدين والحجج والبيِّنات تُحفظ بالحُجّة، والفقيه صار عالما لأنه تعلم على سبيل نجاة من حجة الله تعالى ونقل علم المعصوم عليه السلام وتمسّك به وزكّى علمه بأن علمه لغيره من المتعلمين.

وحتى لو أسندنا للفقيه معنى الحِفظ للحجج والبيِّنات الإلهية، فليس هذا بالأصالة لأنه لو فرضنا أنه لا يبقى في الأرض فقيه واحد. فتلك الحُجج باقية ببقاء الحجة المعصوم عليه السلام فإنّ الله يتمّ الحجة بأن يُظهِر الإمام عليه السلام للناس حينها.

ونحن لا نختلف مع السيد منير في مقامات العلماء وكرامتهم بل نخالفه في التوظيف العرفاني الصوفي الذي يعطي لهم أبعاداً ليست سوى للمعصوم عليه السلام، ويصيغ مفاهيم المعرفة في قالب صوفي ممسوخ.

وبمراجعة الكتاب سيتبين لكم أن السيد منير "هداه الله" بصدد نفخ العرفاء المنحرفين الذين تقمصوا التصوّف، أما العالم المقتفي أثر آل محمد عليهم السلام فهذا لا نخالف في علو مقامه.

رابط تحميل الكتاب:

https://www.shia-documents.com/8094/

 

وقفةُ حيرةٍ مُنيريِّة:

 قد خالف السيد منير الخبّاز ما جاء به أنصاره المدافعين عنه، بل خالف ما جاء به هو في محاضرته "ظمأ القلب ومعين العرفان" فحينما سُئل عبر ((الواتساب)) عن المقال وبتره للنص وتحريف معناه أجاب: (العرفاء الحقيقيون هم أنفسهم خلفاء الله وحُججه في أرضه وهم أنفسهم المعصومون، وهذا يشمل الأنبياء والأوصياء ومن وصل لدرجة العصمة كالعباس بن علي "عليه السلام"، والعقيلة زينب "عليها السلام"، وعلي الاكبر "عليه السلام" فكل هؤلاء هم العرفاء الحقيقيون، وكلهم ساروا على خطى أئمة الهدى  "صلوات الله عليهم" لأنّ الأربعة عشر نورا وهم محمد وآله الطاهرون "صلوات الله عليهم" هم أشرف الخلق وهم القدوة حتى للانبياء والأوصياء، وليس المقصود بالعرفاء الحقيقيين العلماء الفقهاء، بل هُم خصوص المعصومين الذين أشرتُ إليهم بالذكر، وبالتالي فنحن لم نُحرِّف النص عن معناه، نعم العلماء الفقهاء المتقون هم أولياء وعرفاء مجازيون لانهم في سبيل التعلم على سبيل نجاة).

 

وحينما قيل للسيد الخباز: (ولكنّ الرسالة المنشورة أعلاه –أي ما ورد في مقدمة المقال- لا تتحدّث عما تفضلتم به الآن، بل كنتم تتكلمون عن العرفاء القائلين بوحدة الوجود والموجود، وأصحاب الفلسفة والعرفان، فلم يكن الكلام عن أبناء الأئمّة كالعباس عليه السلام.. (ولكي) تتأكدوا أكثر ..فقد وجدتُ كلامكم المُعترض عليه في هذا المقطع: (http://youtu.be/NJeRT8Mc-nc) وكنتم تتحدثون عن العرفاء والأسفار الأربعة وما أشبه).

فأجاب السيد منير بقوله: (لا يتنافى ذلك مع ما ذكرتُه لكم فأنا اعتقادي أنّ العرفاء الحقيقيين هم المعصومون فقط، ولذلك لا يحق لأحد أن ينسب لي التحريف، وهو لم يساألني عن المقصود بالعرفاء، وأما الكلام عن الأسفار الأربعة والنظريات في وحدة الوجود فهذا بحث علمي يخضع لنقاش، والنقاش فيه قائم في أروقة الحوزة، فهناك فرق بين المناقشة في النظريات التي أنا لا أتبنّاها ولكن عرضتُها شرحا لهذا الاتجاه كما أعرض على المنبر اتجاهات أُخرى وأقوم بشرحها، واما تفسير من هم العرفاء الحقيقيون فلايصحُّ أن يُنسب لي شي لم أقُله خصوصا وأني قيّدتُ وعبّرت بالحقيقيين لا مُطلقا).

 

أقول: الجواب على ما ذكر السيد الخباز من وجوه :

أولاً: إذا كان حقاً يقصد المعصومين عليهم السلام -عند ذكر الحديث- فلماذا بتر من النص الفقرات التي تخصهم عليهم السلام كقول الإمام صلوات الله عليه: (لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهوراً أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته). وقوله عليه السلام: (يا كميل أولئك أمناء الله في خلقه وخلفاؤه في أرضه).

فهذا البتر (مُشعِرٌ) بأنه يريد ليَّ عنق النص وتحريفه عن معناه وإيهام المتلقي أنه في وصف العرفاء أصحاب السلوك والنهج الصوفي، وإلا لماذا الحذف من الأساس؟!

 

ثانياً: قوله: (أنِّي قيّدت وعبٌرت بالحقيقيين لا مُطلقا) ينقضُه تصريحه بخصوص المتصوِّفة من العرفاء أصحاب هرطقات وحدة الوجود. فإنّه قبل عرض الحديث الشريف وبعده قد قال في نفس المحاضرة ولكن في مجلس آخر: (الإمام أمير المؤمنين عليٌّ عليه السلام يتحدث عن هؤلاء العرفاء الذين خاضوا قوس الصعود وقوس النزول وجمعوا بين الأسفار الأربعة في آن واحد "هجم بهم العلم...") .. إلى آخر الحديث، ثم قال بعد الحديث مباشرة: (ويذكروا أيضاً العرفاء مصطلحات كثيرة، محو ومحق، وصحو، وصعق، وأنا تعرضتُ لهذه المراتب.. المحو، والمحق، والصعق، العام الماضي في ليلة من ليالي محرم). (مقطع من محاضرة بعنوان: "ظمأ القلب ومعين العرفان" 13/محرم/1434هـ حسينية السنان بالقطيف)

راجع المقطع المرئي:

https://www.youtube.com/watch?v=M-JNdaEAGMw&feature=youtu.be

فأين هو التقييد الذي يتحدّث عنه السيد منير؟!

 

ثالثاً: إنّ سياق حديثه كان عن العرفاء المتصوفة وليس عن الأئمة المعصومين عليهم السلام لذلك قال بعد الحديث في المقطع الأول: (هؤلاء هم العرفاء الحقيقيون الذين ساروا على خطى أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) فهو يُشير في ضمائر الخطاب إلى غير المعصوم، وليس إلى المعصوم عليه السلام!

فإن قال أعني بذلك: (ومَن وصل لدرجة العصمة كالعباس بن علي والعقيلة زينب،  وعلي الاكبر "عليهم السلام).

قُلنا: إنّ هؤلاء العظماء -العقيلة، والعباس، وعلي الأكبر- "عليهم السلام" لا يعتقدون بالأسفار الأربعة والوحدة في عين الكثرة والصحو والمحو والصعق التي عرضها السيد منير قبل وبعد الحديث المبتور!

بل هذه مصطلحات وخزعبلات صوفيّة!

فقد قال السيد منير في المقطع الأول: (ثم تنتقل إلى الأسفار الأربعة، السفر من الخلق إلى الحق والسفر في الحق للحق، وهذا يسموه قوس الصعود، وهذا اللي تشير إليه بعض الآيات القرآنية {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} هو وين راح؟! مو ذاهب يعني قاعد يمشي، هو هذا السفر القلبي {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، سفر أنت في حال سفر إلى الله (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ)، أنت في حال سفر! سفر من الخلق إلى الحق، والسفر من الحق للحق). (مقطع من محاضرة بعنوان: "ظمأ القلب ومعين العرفان").

وجاء النص في شبكة المنير كالتالي: (المقام الرابع يسمى الأسفار الأربعة، السفر من الخلق إلى الحق، القرآن يشير إلى هذا النوع من الأسفار عن النبي إِبراهيم يقول {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} أين ذهب إِبراهيم؟، لم يذهب مكان بل هُو في حالة سفر، سفر روحي قلبي، {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}. والسفر في الحق بالحق، بمعنى أنهُ يعيش مرحلة شهودية قلبية تعني التأمل في أسماء الله وصفاته، والسفر في الحق بالحق. هذان السفران يسمونهم قوس الصعود، ثم بعد ذلك يرجع، السفر من الحق ِإلى الخلق وَالسفر من الخلق بالحق وتسمى هذه الكره قوس النزول، وهذا الإنسان العارف في عين سفره إلى الحق وعين سفره إلى الحق بالحق هُو مسافر من الحق إلى الخلق وفي الحق بالحق، فهُو يعيش الكثرة بالوحدة، يعيش وجدانية في الأسفار الأربعة في آن واحد بين قوس الصعود وقوس النزول). (شبكة المنير، تقرير محاضرة بعنوان: "ظمأ القلب ومعين العرفان").

أقول: إنّ التقرب إلى الله تعالى ليس من -لازمه- هجرة الخلق، بل مما يُقرّب إلى رضاه تعالى معاشرة الخلق بالإحسان إليهم، وهذا ردٌّ على السفر من الخلق إلى الحق.

وأما بالحق في الحق، فنقول إنّ صفات الله تعالى وأسماءه تحتاج تدبُّراً في كلام من أرسلهم الله تعالى لنا وهم حججه المعصومون عليهم السلام، لا أن يجعل المرء من نفسه رسولاً! فتلك كلها كلمات ومصطلحات يزوِّقون بها الكفر ويمهدون بها إلى زندقة وحدة الوجود.

وأمّا قوس النزول فهو يفضحهم فإنّ الذي يصعد ويرتقي في مدارج الكمال لا ينزل ولا يهبط، فإذا كان الغرض من الصيرورة مع الناس ومخالطتهم رضا الله تعالى والإصلاح فالإنسان حينها يكون في سمو وارتقاء مستمر.

فمجرّد اعترافك بما يسمونه قوس النزول هذا يعني أنّك تُقرّ بأنهم يعتبرون هذه المرحلة تأخُّراً وتراجعاً في القرب من الله تعالى، فكيف تكون أرواحهم معلقة بالملأ الأعلى وهم يعتبرون ما يسمونه من الحق إلى الخلق وفي الخلق بالحق قوس "نزول" ؟!

فكما تلاحظ أخي القارئ الكريم فإن سياق كلامه حول الأسفار الأربعة وقوسيِّ الصعود والنزول والوحدة في عين الكثرة، وهذا المنهج إنما هو منهج صوفي شيطاني كما أخبر بذلك أئمتنا صلوات الله عليهم، وتلك الأسفار لا أصل لها في شريعة الإسلام بالمعاني التي يريدونها ويقصدونها!

 فكيف بعد هذا يدّعي بأنه يقصد العارف الحقيقي كالعباس والسيدة زينب وعلي الأكبر عليهم السلام؟! فإنّ هؤلاء العظماء لا يعتقدون بتلك الأراجيف والخزعبلات!

يقول آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي "قدس سره": (عندي أن مصيبة الصوفية على الإسلام من أعظم المصائب، تهدمت بها أركانه وانثلم بنيانه وظهر لي بعد الفحص الأكيد والتجوّل في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم أنّ الداء سرى إلى الدين من رهبة النصارى فتلقاه جمع من العامة كالحسن البصري والشبلي ومعروف وطاووس والزهري وجنيد ونحوهم ثم سرى منهم إلى الشيعة حتى رقى شأنهم وعلت راياتهم بحيث ما أبقوا حجراً من أساس الدين،أولوا نصوص الكتاب والسنة وخالفوا الأحكام الفطرية العقلية والتزموا بوحدة الوجود،بل الموجود وأخذ الوجهة في العبادة والمداومة على الأوراد المشحونة بالكفر والأباطيل التي لفقتها رؤساؤهم والتزامهم بما يسمونه بالذكر الخفي القلبي شارعاً من يمين القلب خاتماً بيساره معبراً عنه بالسفر من الحق إلى الخلق تارة، والتنزل من القوس الصعودي إلى النزولي أخرى وبالعكس معبراً عنه بالسفر من الخلق إلى الحق والعروج من القوس النزولي إلى الصعودي أخرى فيالله من هذه الطامات)! (شرح إحقاق الحق، المرعشي النجفي، ج1 ص183-184).

أقول: كشف السيد المرعشي النجفي "قدس سره"  بطلان هذه الطرق وأنها من أعظم المصائب على الإسلام، تهدمت بها أركانه وانثلم بنيانه، وبيّن حقيقتها وأصلها بقوله: (وظهر لي بعد الفحص الأكيد والتجوّل في مضامير كلماتهم والوقوف على ما في خبايا مطالبهم والعثور على مخبياتهم بعد الاجتماع برؤساء فرقهم أنّ الداء سرى إلى الدين من رهبة النصارى فتلقاه جمع من العامة كالحسن البصري والشبلي ومعروف وطاووس والزهري وجنيد ونحوهم)! (شرح إحقاق الحق، المرعشي النجفي، ج1 ص184).

وأكد على انتقال هذا المعتقد الباطل إلى التشيّع بقوله: (ثم سرى منهم إلى الشيعة حتى رقى شأنهم وعلت راياتهم بحيث ما أبقوا حجراً من أساس الدين)!.

وكشف "قدس سره" عن تأويلهم للآيات والروايات بقوله: (أوّلوا نصوص الكتاب والسنة وخالفوا الأحكام الفطرية العقلية)!

وبيّن السيد قدس سره كفر اعتقادهم بقوله: (والتزموا بوحدة الوجود بل الموجود وأخذ الوجهة في العبادة والمداومة على الأوراد المشحونة بالكفر والأباطيل التي لفقتها رؤساؤهم)!

ثم كشف عن بطلان الأسفار الأربعة وعدم شرعيتها واصفاً إياها بالطامات فقال قدس سره: (والتزامهم بما يسمونه بالذكر الخفي القلبي شارعاً من يمين القلب خاتماً بيساره معبراً عنه بالسفر من الحق إلى الخلق تارة،والتنزُّل من القوس الصعودي إلى النزولي أخرى وبالعكس معبراً عنه بالسفر من الخلق إلى الحق والعروج من القوس النزولي إلى الصعودي أخرى فيالله من هذه الطامات)! (شرح إحقاق الحق، المرعشي النجفي، ج1 ص184).

فالأسفار الأربعة وقوسا الصعود والنزول والوحدة في عين الكثرة والكثرة في عين الوحدة والصحو والمحو والمحق والصعق كل ذلك مصطلحات وخرافات وخزعبلات صوفية، استوردها عرفاء الشيعة منهم. وهذه الأراجيف والخزعبلات قد ذكرها السيد منير قبل الحديث المبتور وبعده فكيف يدّعي بعد ذلك بأنه يقصد المعصومين عليهم السلام أو من وصل إلى درجة العصمة كالعباس والسيدة زينب وعلي الأكبر عليهم السلام؟

فهل هؤلاء العظماء يعتقدون بهذه الأراجيف والعياذ بالله؟!

رابعاً : يقول السيد منير: (لا يتنافى ذلك مع ما ذكرتُه لكم فأنا اعتقادي أنّ العرفاء الحقيقيين هم المعصومون فقط ولذلك لا يحقُّ لأحد أن ينسب لي التحريف وهو لم يسألني عن المقصود بالعرفاء). وقوله أيضاً: (وأمّا تفسير من هم العرفاء الحقيقيون فلا يصح أن يُنسب لي شئ لم أقله خصوصا وأني قيدت وعبرت بالحقيقيين لا مطلقا). وقوله أيضاً: (فنحن لم نحرِّف النص عن معناه).

أقول: بل يتنافى كلامكم يا سيد منير مع مقدماتكم ونتائجكم الثابتة في محاضراتكم، فإن المعصومين عليهم السلام لا يعتقدون بهذه الأراجيف والخرافات والخزعبلات الصوفية-كالصحو والمحو والمحق والصعق- فكيف تنسبونها لهم!

ثم من وضع نفسه موضع التهمة ودافع العرفاء المتصوِّفة وعرض الحديث مبتوراً، وسبقهُ وتلاهُ بالكلام عن عرفان المتصوفة وخزعبلاتهم فلا يلومنّ مَن يتهمه بالتدليس أو التحريف. لأنه هو من وضع نفسه في هذا الموضع!

 

خامساً: قول السيد منير: (نعم العلماء الفقهاء المتقون هم أولياء وعرفاء مجازيون لأنهم في سبيل التعلم على سبيل نجاة).

أقول:

أولاً: العلماء الفقهاء العدول هم العارفون الحقيقيون وليسوا عرفاء لأنّ العرفاء جمع عريف وهو النقيب.

جاء في كتاب الصحاح في اللغة ص468 : (والعَريفُ: النقيبُ، وهو دون الرئيس، والجمع: عُرَفاءُ). وفي قاموس المحيط ج2 ص410 : (عُرَفاءُ. وعَرُفَ، ككرُمَ وضَرَبَ، عَرَافَةً: صارَ عَريفاً. وككتَبَ كِتابَةً: عَمِل العِرافَةَ. والعَريفُ: رَئيسُ القومِ، سُمِّيَ لأَنه عُرِفَ بذلك، أو النَّقيبُ).

وفي مختار الصحاح ص203: (والعَرِيفُ أيضاً النَّقيب وهو دون الرئيس والجمع عُرَفاء).

وجاء في كتاب تهذيب اللغة ج4 ص482: (قال الأزهري سمعت عريفا من عرفاء القرامطة يقول لأصحابه وقد ندبوا للنهوض في سريَّة..).

وقد جاء في النصوص الدينية لفظ العرفاء للشرطة أو النقباء، فإن جمع العارف عارفون أوعارفين وليس عرفاء!

وروى الشيخ الصدوق عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنّ عليّا عليه السلام قال : (ان في جهنم رحا تطحن أفلا تسألوني ما طحينها فقيل وما طحينها يا أمير المؤمنين ؟ فقال العلماء الفجرة والقراء الفسقة والجبابرة الظلمة والوزراء الخونة والعرفاء الكذبة وان في النار لمدينة يقال الحصينة أو لا تسألوني ما فيها ؟ فقيل له وما فيها يا أمير المؤمنين ؟ قال فيها بعض أيدي الناكثين) . (ثواب الأعمال - الشيخ الصدوق - ص 254)

فكلمة "العرفاء" هنا جاءت في سياق الجبابرة والوزراء فهم من أعوانهم وهو نفس المعنى الذي جاء في كتب اللغة ولكن جرت العادة على تسميته العارف عند الجمع بالعرفاء كما استوردوها الشيعة من المتصوفة! ونحن نستعملها لأنها هي بالفعل الأليق بهم. فإنهم استخدموا آلة الدين للدنيا. كما الجبابرة والسلاطين.

وهناك في الحوزة خطّان: الأول خط الفقهاء وهو ضد العرفان المزيّف وهذا الخط يمثله كبار أعلام الطائفة كالشيخ الصدوق والشيخ المفيد والشريف المرتضى وشيخ الطائفة الطوسي والعلامة الحلي، والمحقق الكركي والمقدس الأردبيلي، والعلامة المجلسي والحر العاملي والشيخ محمد بن طاهر القمي والسيد نعمة الله الجزائري... ومن على سيرتهم إلى عصر الميرزا مهدي الأصفهاني وتلامذته، وأبو الحسن الأصفهاني والسيد البروجردي والسيد المرعشي النجفي والسيد الكلبيكاني والصافي الكلبيكاني، والسيد الخوئي والسيد السيستاني، والشيخ الفياض والسيد محمد سعيد الحكيم، والشيخ الوحيد الخراساني والسيد الشيرازي والسيد الروحاني وغيرهم رحم الله الماضين وحفظ الباقين.

والخط الثاني: هو خط العرفان المزيّف ورواده وأتباعه هم ما يسمى بالعرفاء وهم على نهج المتصوّفة وعلى رأسهم ابن عربي لعنه الله، وقد صرّح الكثير من رموز الخط الأول بكفر ابن عربي وزندقته! وهو كبير العرفاء بل أكبرهم! ولهذا سمَّوه بالشيخ الأكبر.

يقول المحقق الخوئي أعلى الله مقامه: (وكذا يُحكم بكفر بعض الفرق المنتسبين إلى الإسلام إذا رجعت عقائدهم إلى إنكار الألوهية والخلق،أو النبوة أو المعاد، كالقائلين بوحدة الوجود من الصوفية الظاهر ذلك من أشعارهم، بل من متونهم، كما في عبارة محي الدين بن العربي التي هي: (الحمد لله الذي خلق الأشياء وهو عينها) الدال على وحدة الوجود، فإذا لوحظت المراتب فيكون خلقا، وإذا لغيت فهو نفس الخالق، فالواجب والممكن عندهم موجود واحد، وإنّما يختلف بالاعتبار، فباعتبار حدّه هو ممكن، ومن إلغاء الحدّ هو واجب، وهو راجع في الحقيقة إلى إنكار الخالق، ويحتمل أن يكون هذا هو المراد من أشعار بعضهم، التي معناها أنه لا فرق بين موسى وفرعون إلا بالحد، فإذا لغي الحدّ فموسى وفرعون شيء واحد)! (مجموع الرسائل، رسالة في الأرث، السيد الخوئي، ص43).

وقال المرجع الشيخ إسحاق الفياض دام ظله: (سمعنا انّ في هذه الحوزة المباركة يُدرس العرفان على ضوء كتاب ابن عربي، وهذا خطر على الحوزة ولا سيما على شبابنا، فإنّ كتاب ابن عربي كل من قرأ من هذا الكتاب يعتقد انّه زنديق ولا إيمان له في الله تعالى وتقدس). (جدلية الدين والفلسفة،حسن الكاشاني، ج2 ص572).

كذلك المرجع الروحاني دام ظله حيث قال في أحدى فتاواه: (أنا أرى محيي الدين-ابن عربي- كافراً وتسميته بالشيخ الكبير والأكبر من الاشتباهات الظاهرة).

وما يقصده السيد منير الخباز بقوله: (نعم العلماء الفقهاء المتقون هم اولياء وعرفاء مجازيون) هو الخط الثاني لأنّ الخط والاتجاه الأول -وهم الفقهاء العدول- لا يعتقدون بالأسفار الأربعة وقوسيّ الصعود والنزول والوحدة في عين الكثرة والكثرة في عين الوحدة والصحو والمحو والمحق والصعق وكل هذه المصطلحات والخرافات المستوردة من الصوفية! وهي من اعتقادات الخط الثاني.

 

سادساً: قول السيد منير: (واما الكلام عن الأسفار الاربعة والنظريات في وحدة الوجود فهذا بحث علمي يخضع لنقاش والنقاش فيه قائم في أروقة الحوزة...).

أقول: يريد السيد منيرالخبّاز "هداه الله "أن يقول لا تردوا على ما أطرحه على المنبر ولا تناقشوه في وسائل التواصل لأنّ النقاش فيه قائم  في أروقة الحوزة!

فنقول في الجواب: إذا كانت الأسفار الأربعة والنظريات في وحدة الوجود تناقش في أروقة الحوزة والرد على من يطرحها لا يكون إلا هناك! فلماذا يطرحها السيد منير على المنبر؟ فإذ كان يريد منا عدم الرد عليه إلا في أروقة الحوزة فلا يطرحنّ تلك الموضوعات الكُفريَّة في العلن، ثمّ يجعل طرحها ومناقشتها في الحوزة!

وبما أنّ السيد الخباز طرح تلك القضايا الشائكة في العلن وعلى المنبر، فالتكليف المتوجب علينا هو الجواب العلني من منبرنا.

 

سابعاً: قول السيد منير: (فهنا فرق بين المناقشة في النظريات التي أنا لا أتبناها ولكن عرضتها شرحا لهذا الاتجاه كما اعرض على المنبر اتجاهات اخرى واقوم بشرحها).

أقول: إنّ اعترافك الآن بعدم تبني نظريات العرفاء المتصوفة لا يُعفيك من تحمّل تبعات الدفاع عنهم بتجميل الوجه القبيح لكفرياتهم وترويج أفكارهم وعرضها على المنبر لسنوات عديدة.

ثم إنّ من يروّج لمعتقد معين ويدعو الناس إلى عدم إساءة الظن برموزه، ويؤلف الكتب في دعمه ويقيم المحاضرات للدفاع عنه وعن الرجال المعتقدين به ويصفهم بأعظم الأوصاف الكمالية، هل يقبل عاقل بأنْ يقال له إنّ هذا الشخص لا يعتقد بهذه العقيدة ولا يتبنّاها؟!

هل من المعقول أنْ أُدافع عن النصرانية (مثلاً) وأبرر عقيدة النصارى، وأُبرر كيف يكون الثلاثة في واحد، والواحد في ثلاثة - كما تُبرر أنت لعقيدة العرفاء المتصوفة في قولهم بأنّ الكثرة في عين الوحدة والوحدة في عين الكثرة- فيُحتَجُّ علي بأقوالهم ونصوصهم فأقول بأني لا أتبنى عقيدتهم؟! إنما أعرضها على المنبر؟!

حدث العاقل بما لا يليق فإن صدّق فلا عقل له!

إنّ ترويجك لمعتقد ما يسمى بالعرفاء والذب عنهم والدفاع عن معتقداتهم الفاسدة وبثها بين الناس يجعلك غير مُبرأ الذمة عن تحمل المسؤولية ولا ينفعك التملُّص بادِّعاء أنك لا تتبنّى نظرياتهم.

ولكنّ قولك "لا أتبنّى نظرياتهم"

هو انتصار لنا وتراجع منكم بعد المقالات السابقة التي كشفت الوجه الحقيقي للعرفان المزيّف وبيّنت أباطيله وجعلتكم في حرج من أن تُنسب تلك الأفكار المنحرفة إليكم ولذلك قلتم لا أتبناها!

وهذا بحد ذاته ليس هزيمة لكم يا سيد منير، بل هو انتصار للحق وللعلم، وهذا المأمول من سيد فاضل مثلكم. فنأمل أن تكملوا هذه الخطوة الشجاعة بالتوقُّف عن بثِّ تلك الهرطقات الصوفية على المنابر وتلويث قلوب وعقول أبناء الشيعة بها. ولتكون ذمتكم مُبرأة عليكم -إن لم يكن هناك مانع يُسوِّغه الشرع- أن تقولوا (صراحة) أنّ ذلك المنهج باطل منحرف عن آل محمد عليهم السلام وتُحذروا الشباب من الاغترار به.

إنّ ما نأمله ونرجوه منكم هو أن تجسِّد قولكم: (لا أتبناها) على أرض الواقع، وتتوقفوا فعليّاً عن عرض عقائدهم وأفكارهم المنحرفة على المنبر فضلاً عن الدفاع عنهم وتبرير أقوالهم.

 

هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

29/ذو القعدة/1441 هـ

ذكرى استشهاد الإمام الجواد عليه السلام

طالب علم



الخميس، 18 يونيو 2020

مَن يحلُّ اللُّغز؟ "دراسة الخامنئي عند الشيخ الحائري"! ..

أرجو من الإخوة الكرام الاطلاع على هذا المقال بتجرّد عن العصبية والهوى وقراءته بإنصاف بعيداً عن أي أحكام مسبقة فما هدفنا –يشهد الله- إلا تنبيههم وتحذيرهم ولذلك نرجو منهم بكل ودٍّ ومحبة أن يتأمّلوا في النصوص التي سنطرحها في هذا المقال والرجوع  إلى مصادرها ثم العودة إلى عقولهم والحكم في الموضوع.

نبدأ باسم الله تعالى ونقول بأنّ أصحاب السِّيَر الخمنائية قالوا أنّ الخامنئي درس 15 سنة متواصلة –أو أكثر- عند الشيخ مرتضى الحائري في قم المقدسة حتى أجازه بالاجتهاد سنة 1974م !


فقد جاء في كتاب مختصر شمس الولاية: (وقد حصل سماحته على رتبة الاجتهاد على يد استاذه آية الله العظمى الحائري عام 1974م بعد حضور البحث الخارج أكثر من خمسة عشر عاماً)!

(مختصر شمس الولاية، مركز باء للدراسات، ص44).


وقال علي المؤمن: (تجدر الإشارة إلى أن آية الله الخامنئي ابتدأ في حوزة قم العلمية دراسة البحث الخارج في الفقه والأصول عام 1958م ... واستمر في الحضور على آية الله العظمى الحائري حتى عام 1974، حيث وصل خلالها إلى رتبة الاجتهاد، كما شهد له بذلك أستاذه الحائري نفسه، أي أنه استمر في دراسة البحث الخارج أكثر من خمسة عشر عاماً متواصلة)!

(كراس بعنوان: لماذا الخامنئي، علي المؤمن، ص39).


ويقول محمود الغريفي: (ولم يدم بقاؤه في مدينة مشهد، حيث سافر في نفس العام -أي عام 1958م- وبإذن من والده إلى عش آل محمد -مدينة قم المقدسة-، وحضر دروس الأعلام: ... آية الله الشيخ مرتضى الحائري... واستمر في البحث لديه مدة خمسة عشر عاماً حتى حصل منه على إجازة الاجتهاد)!

 (خليفة الإمام الراحل، السيد محمود الغريفي، ص32).


وجاء أيضاً: (وقد حصل سماحته على رتبة الاجتهاد على يد استاذه آية الله العظمى الحائري عام 1974م بعد حضور البحث الخارج أكثر من خمسة عشر عاماً)!

(مرجعية آية الله العظمى الخامنئي، إعداد دار الولاية للثقافة والأعلام، ص22).


وهذا يعني أنّ الخامنئي حضر عند الشيخ الحائري في قم المقدسة قبل سنة 1958م ومكث عنده إلى نهاية سنة 1974م، ومن المعروف أن الشيخ الحائري لم يخرج من قم المقدسة طيلة هذه الفترة! 

(ورثة الأنبياء، محمد أمين نجف،ص508).


ولكن حين الرجوع إلى التاريخ نجد أنّ الخامنئي لم يمكث كل هذه المدة في قم المقدسة! والمصادر نفسها تذكر بأنه لم يمكث في قم إلا ست سنوات فقط!


فقد جاء في كتاب "الإمام الخامنئي السيرة والمسيرة": (أمّا إقامة السيد في قم فقد دامت ست سنوات ليعود بعدها إلى مشهد المقدسة)!

(الامام الخامنئي السيرة والمسيرة، ص31).


وجاء في مذكراته قوله: (بعد رحيلي إلى قم سنة 1378 هـ ق/1958م شاركتُ في دروس أصول الفقه للسيد الخميني وواصلت هذه الدروس خلال السنوات الست التي قضيتها في قم)!

(مذكرات الخامنئي بعنوان إنا مع الصبر نصرا ، ص79)


وقال أيضاً : (وتوجهت في عام 1337 هـ. ش (1958م) إلى قم بإذن من والدي، وبقيت هناك حتى عام 1964م)! 

(سماحة الإمام آية الله علي الخامنئي جهاده وفكره، عبد الله النبالي، المقدمة).


وجاء في كتاب مختصر شمس الولاية على لسان الإمام الخامنئي: (وتوجهت في عام 1958م إلى قم بإذن من والدي، وبقيت هناك حتى عام 1964م).

(مختصر شمس الولاية، مركز باء للدراسات، ص40).


ويقول محمود الغريفي: (وفي عام 1964 وإثر فقدان والده البصر إضطر سماحته للعودة إلى مسقط رأسه (مدينة مشهد) ليكون في خدمة والده، ولمّا أنْ أوضح عزمه لبعض أساتذته أعربوا عن عدم ارتياحهم لهذا القرار وأصرّوا على بقائه في حوزة قم العلمية).

(خليفة الإمام الراحل، محمود الغريفي، ص32).


كما تلاحظ أخي القارئ فإنّ هذه النصوص تصرّح بأن الخامنئي مكث في قم المقدسة ست سنوات من سنة (1958م) إلى نهاية سنة (1964م)!

 

والسؤال المطروح: كيف حضر الخامنئي عند الشيخ الحائري لمدة 15 سنة أو أكثر وهو لم يمكث في قم المقدسة إلا ست سنوات؟؟!!

 

 

طالب علم