الأحد، 2 مارس 2014

هل شاكل السيد الخوئي فضل الله الأهوائي؟!

هل شاكل السيد الخوئي فضل الله الأهوائي؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم
نُشر عبر وسائل الاتصال منشور بعنوان (فضل الله وأستاذه الخوئي يقولان بسهو النبي) ينسب فيه الناشر  إلى السيد الخوئي (قدس سره) القول بالسهو في الموضوعات الخارجية!
وقد طار بهذا المنشور فرحاً أصحاب فضل الله الذين يتشبثون بكل قشه لتبرير انحرافات صاحبهم العقدية ومطاعنه في عصمة المعصومين عليهم السلام.
جاء في المنشور قول السيد الخوئي : القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية. والله العالم.





أخي القارئ الكريم ينبغي قبل نقل أي شيء التثبّت ومراجعة المصادر والتأكد من القضية من شتى جوانبها قبل نشرها!
قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}
انّ السيد الخوئي رحمه الله لا ينسب السهو للمعصوم مطلقاً وقد خدع صاحب هذا المنشور بعض المؤمنين السذج إذ أنه لم ينقل لهم السؤال حتى يعرفوا لماذا قال السيد الخوئي قدس سره هذا الجواب! و حينها سيفهمون معنى الجواب وفقاً لاصطلاحات الأصوليين على وجهه الدقيق..
أخي القارئ الكريم إنّ ما نسبه صاحب المنشور للسيد الخوئي رحمه الله هو محض افتراء ولو راجعت السؤال لتبين لك هذا الأمر .
وكمقدمة لبيان بطلان هذا الافتراء ننبهك على أنّ القول بالسهو الاسهائي في الموضوعات الخارجية بغرض التعليم وما أشبه قال به الشيخ الصدوق رحمه الله استناداً إلى حادثة وردت من طرقنا بهذا الخصوص، والروايات المُعارضة لها هي روايات إطلاقية ليست في خصوص الحادثة الواردة في رواية ذي اليدين ولذا تكاد تكون موازية يصعب شيئاً ما فيها الترجيح بمثل مخالفة روايات أهل العامة وفي هذا تفصيل ليس هاهنا محله.. وهذا ما أوقع من ذهب لهذا القول كالشيخ الصدوق في مثل هذه العثرة.
قول جمهور الفقهاء والعلماء بنفي السهو مطلقاً وهو القول المنصور عند الإمامية يستند مع الروايات ذات اللسان الاطلاقي في المعارضة  إلى أدلة عقلية ومضامين حمليّة من خلالها يرجحون الطائفة المعارضة..

ثانياً: نقول إنّ صاحب المنشور إما ليس ممن يستوعب جيداً أدبيات أهل الأصول وهذا ما أوقعه في الالتباس عند قراءته للنص، وإما أنه يتغافل!
إنّ عدم كتابة صاحب المنشور للسؤال وتعمده لعدم ذكره يضع على مقصد ونيّة صاحبه أكثر من علامة استفهام!
يقول موسى مفير الدين جامع الفتاوى في مقدمة كتاب منية السائل: ولابد من التنبيه على أن الجواب إنما يكون على طبق السؤال، وقد حرص السيد ( الخوئي قدس سره) على هذا عندما كان يردد في مفروض السؤال كذا... أو في الصورة المفروضة كذا... فلا يذهبن بك الظن إلى توهم التعارض بين هذه الفتاوى وبين الرسالة العملية، بل أنعِم النظر ترشد وتهتد.
ذات كلام جامع الفتاوى نقوله للقارئ الكريم ونسأله لماذا أعرض صاحب المنشور عن ذكر السؤال؟!!
السؤال يفسر حقيقة جواب السيد الخوئي رحمه الله حيث سماحته يجيب بشأن السهو الاسهائي حيث لم يرد فيه عند من قال به سوى ما تعلق بقضية خارجية...

إليكم نص السؤال كما ورد في منية السائل لتفهموا أنّ الجواب كان طبقاً للسؤال ومعه ننقل نص جواب السيد رحمه الله:
(س) ما هي حقيقة الحال في مسألة إسهاء النبي (ص) عن صلاة الصبح، وهل يلزم أن يسهي الله تعالى نبيه (ص) ليعلم أنه ليس بإله، والله تعالى يقول: (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الاسواق) - الفرقان - 25 - 7 - إلى آيات أخرى تدل على أنه بشر علاوة على ولادته ووفاته (ص) ثم هل يلزم أن يسهي الله تعالى رسوله (ص) لتكون رحمة للامة لكي لا يعير أحد أحدا إذا نام عن صلاته، وقد أجرى الله سبحانه كثيرا من أحكامه على أناس آخرين لا على الرسول نفسه (ص) هذا إذا لاحظنا أنه (ص) كان قد (أنيم) وليس (نام) والفرق واضح بين الحالتين؟ وهل صحيح أن ذا اليدين الذي تدور عليه روايات الاسهاء أو السهو لا أصل له وأنه رجل مختلف كما يذهب إلى ذلك الشيخ الحر العاملي قدس سره في رسالته التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان؟
(ج) القدر المتيقن من السهو الممنوع على المعصوم هو السهو في غير الموضوعات الخارجية. والله العالم.

تأمل أخي القارئ الكريم  فيما ذكره السيد الخوئي في جوابه بقوله (القدر المتيقن): إنّ القدر المتيقن وهو ذلك الذي لم يقل بإمكان السهو فيه أحد قط من خلف فقهاء الشيعة وسلفهم هو ما تعلق بغير الموضوعات الخارجية، وهذا لا يعني انّ سماحته معتقد بجواز السهو الاسهائي على المعصوم في الموضوعات الخارجية فتنبّه..
إذا فهمت أخي القارئ ماذا يعني اصطلاح (القدر المتيقن) عند أهل الأصول تعرف أنّ السيد الخوئي إنما يجيب حول قضية السهو بما هي من حيث المجموع عند الإماميّة..
يستخدم الأصوليون اصطلاح (القدر المتيقن) عند عدم انعقاد الإطلاق في قضية ما وهذا منطبق على قضية السهو حيث رأي الشيخ الصدوق رحمه الله وبعض من تابعه خارق للإطلاق الإجماعي في هذه القضية.. وإنّ بيان هذا الواقع من قبل السيد الخوئي رحمه الله ليس يعني أنّ سماحة السيد ينتمي للحزب القائل بجواز السهو الإسهائي على المعصوم كما قال به الشيخ الصدوق رحمه الله..
ومما يؤكد صحة ما بينّاه هو أنّ السيد الخوئي رحمه الله قد طرح الروايات التي تنسب السهو للنبي صلى الله عليه وآله فقال في كتابه العروة الوثقى : انّ هذه الروايات في أنفسها غير قابلة للتصديق ، وإن صحت أسانيدها لمخالفتها لأصول المذهب, على أنها معارضة في موردها بموثقة زرارة المصرحة بأنه (صلى الله عليه وآله) لم يسجد للسهو قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل سجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) سجدتي السهو قط ؟ قال : لا ولا يسجدهما فقيه. فلابد من ارتكاب التأويل أو الحمل على التقية أو الضرب عرض الجدار".
المصدر: العروة الوثقى,الخوئي, ج6 ص329.

كما أن السيد الخوئي (قدس سره) نفى أن يسهو المعصوم في القضايا الخارجية فقد نقل تلميذه السيد رضا الخلخالي في كتابه (المعتمد في مناسك الحج) من  دروس السيد الخوئي تعليقة على رواية تنص أن أمير المؤمنين عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد ...الخ , وتناول السيد الخوئي هذه الرواية بالنقد وكان مما قاله رحمه الله : نعم هنا إشكال آخر وهو منافاة الإتيان بالشوط الثامن سهواً لعصمة الإمام (عليه السلام) حتى في الأمور الخارجية وذلك مناف لمذهب الشيعة فيمكن إخراج هذه الرواية مخرج التقية في إسناد السهو إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
المصدر: العصمة عند السيد الخوئي وعند المشككين, ص 61- 62.

فتلاحظ أخي القارئ انّ السيد الخوئي ينفي السهو في الأمور الخارجية أيضاً وينص على أنّ هذا القول مناف لمذهب الشيعة..
أما قول فضل الله فهو طعن صريح في عصمة النبي والإمام  حيث قال: العقل لا يحكم بضرورة امتناع الخطأ والنسيان والسهو على النبي أو الإمام!
فلم يبقَ للعصمة أي معنى بعد هذا التصريح!
فأينَ هذا القول من عبارة السيد الخوئي رحمه الله؟
فمن الإجحاف بحق السيد الخوئي (قدس سره) أن يقرنه صاحب المنشور بهذا الضال المضل!
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
طالب علم
21/4/1435هـ