السبت، 7 سبتمبر 2024

هل كلمة "ياسين" هي "ياحسين" لكن مقطوعة الرأس؟

 

 

 

هل كلمة "ياسين" هي "ياحسين" لكن مقطوعة الرأس؟

 

تداول بعض الإخوة على مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً يحمل صورةً تضم العارف علي القاضي مع الفيلسوف محمد حسين الطباطبائي "صاحب الميزان" وقد جاء في هذا المنشور قول الطباطبائي: (كنت منهمكاً بتفسير سورة "يس" ومرة من المرات التفت إلي السيد علي القاضي فقال لي من يعلم ربما كلمة "ياسين" هي "ياحسين" لكن مقطوعة الرأس)!



والجواب على هذا من عدة وجوه:

أولا: لم أعثر على هذه الحكاية في المصادر المتوفرة بحوزتي ممن ترجم للشخصيتين، ومن يجد لها مصدر فليتفضل مشكورا بإرساله إلي.

 

ثانياً: لو سلمنا جدلاً بوجود هذه الحكاية فإنها تتعارض مع التاريخ حيث توفي علي القاضي في النجف الأشرف عام 1366هـ الموافق لعام ١٩٤٧م[1] بينما شرع الطباطبائي -وهو في قم المقدسة- بشرح القرآن الكريم عام ١٩٥٤م[2] وهذا يعني بأنه بدأ بكتابة تفسير الميزان بعد سبع سنوات من وفاة أستاذه القاضي. 

 

ثالثاً: حضر الطباطبائي دروس القاضي في النجف الأشرف، ثم عاد إلى تبريز عام ١٣٥٤ الموافق لعام ١٩٣٥م[3] ومن ذلك التاريخ لم يلتقِ بالقاضي أبداً حيث مكث في تبريز أكثر من عشر سنوات ثم توجه إلى قم المقدسة. فالفاصلة الزمنية بين افتراق الرجلين حتى شرع الطباطبائي في كتابة التفسير أكثر 20 سنة!

 

رابعاً: بدأ الطباطبائي في كتابة تفسيره بشرح سورة الفاتحة ثم البقرة وهكذا واستمر على ذلك أكثر من ٢٠ عاماً حتى أتم التفسير[4] .. و"سورة يس" في نصف القرآن تقريباً.. فحينما وصل الطباطبائي إلى تفسيرها يكون القاضي بتعبيرنا الدارج مات وشبع موتا..

 

خامساً: قد يقول قائل: ربما يكون التفسير للقاضي وليس للطباطبائي ولكن حدث التباس.

أقول: هذا بعيد جداً، لأن الطباطبائي يقول - كما جاء في المنشور-: (كنت منهمكا بتفسير سورة "يس"...) فالمفسر هو الطباطبائي وليس القاضي ولكن لو سلمنا جدلاً بأن التفسير للقاضي.

نقول في الجواب: أن تفسير القاضي لم يتم ولا يصل لمورد النزاع.. فقد شرع القاضي بتفسير سورة الفاتحة ثم البقرة إلى سورة الأنعام فقط! ولم يصل إلى "سورة يس" وهذا ما ذكره العلامة آغا بزرك الطهراني عن هذا التفسير[5].

 

سادساً: بالنسبة إلى النص المنقول لا يعدو عن كونه استحساناً ذوقياً فقط...فهو ليس بتفسير للآية الكريمة بل هو قول في باطن الكتاب العزيز وتأويله بلا نص وهذا مُحرم لأنّ تأويل الآيات محصور بالمعصومين عليهم السلام.

 

هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

طالب علم



[1] -العطش العرفاني، بتعريبب عبد الرحيم الحمراني، ص11.

[2] - رسالة التشيع في العالم المعاصر، ترجمة جواء علي كسار، ج2 ص349.

[3] - العلامة الطباطبائي، كمال الحيدري، ص21.

[4] - مبادئ الفلسفة الإسلامية، عبد الجبار الرفاعي، ج1 ص95.

[5] - طبقات أعلام الشيعة، ج15ص1566.