الخميس، 24 أكتوبر 2013

الشلمغاني نموذجٌ للفقيه الشيعي المنّحرف!!

الشلمغاني نموذجٌ للفقيه الشيعي المنّحرف!!
بقلم : طالب علم

إنّ حاجز التقّديس كان ولا زال حائلاً دون هداية المخالفين من أبناء العامة! ومانعاً عن وصولهم إلى العقيدة الحقه, فهم يقدّسون كل من تسمى بالصحابة مؤمناً كان أم منافقاً!!
وبسبب التقديس المفرط يعطّل عقله تجاه كل انحرافات هذا الصحابي بل يبررها حتى لو كانت تناقض أساس الدين!
وللأسف الشديد انتقل هذا المرض العضال إلى أوساطنا نحن الشيعة الإمامية فأصبحت شريحة كبيرة منا تقدّس وتحترم كل من يعتمر عمامة الدين والعلم  ولا تنظر في حقيقة ما إذا كان مؤمناً أم منافقاً! بل تبرر انحرافاتهم وخروقاتهم للدين باسم الدين!
ومع ان التحقيق في صلاح العلماء وفسادهم من تعاليم أئمتنا عليهم السلام إلا أن البعض يؤثر الضلال على الهدى أو أنه يريد الراحة ولا يكلف نفسه عناء البحث والتنقيب,  وقد وضع لنا أمير المؤمنين عليه السلام قاعدة لو التزمنا بها لرأينا الأمور بكل وضوح وبسهولة.

قال عليه السلام : اعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه ، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرّفه ، ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى ، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى ، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله والتحريف لكتابه ورأيتم كيف هدى الله من هدى فلا يجهلنكم  الذين لا يعلمون...)
المصدر : الكافي, الكليني , ج 8 ص 390, نهج البلاغة , ج2 ص32, الأربعين , القمي, ص194.

انّ كل الشخصيات الدينية الغابرة أو المعاصرة يجب عرضها على مشرحة النقد وميزان الجرح والتعديل لكي نعرف من خلال البحث الرجالي هل هي ملتزمة بمنهج وتعاليم النبي الأعظم وأهل بيته الأطهار (صلوات الله عليهم) أم لا ؟؟
هل يصح أخد الدين عن كل العلماء أم لا يصح ؟
وإذا كان لا يصح أن نأخذ عنهم كلهم فعمن نأخذ ديننا؟
فليس عندنا عدالة جميع العلماء كما يعتقد غيرنا بعدالة جميع الصحابة!
إنّ على المخالف من أبناء العامة أن يتحرّر من قيود التقديس المطلق لما يسمى صحابة فليس هناك معصوم إلا من عينه الله تعالى ثم يمحّص ويبّحث في أحوال الصحابة لكي يعرف حقيقة ومعدن كل فرد من الصحب فإذا اتضح له بأن هذا الصاحب منّحرف تبرأ إلى الله منه لقوله تعالى {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ}
وإذا تبين له بأنّ هذا الصاحب مؤمن متبع للكتاب والعترة يواليه ويحترمه ويحبه ويجعله فوق رأسه.
كذلك نحن الشيعة يجب علينا البحث والتنقيب في أحوال العلماء والفقهاء ومعرفة مناهجهم.
فمن كان من الفقهاء صحيح العقيدة, راسخ المنهج , متبعاً لمحمد وآله الأطهار حق الاتباع, محمود السيرة جعلناه فوق رؤوسنا وقبلنا عنه .
أما من كان منّحرف العقيدة مائلاً عن محمد وآله الأطهار ولو قيد أنملة, مذموم السيرة جعلناه تحت أقدامنا ولا كرامة , تماماً كما نفعل تجاه المنحرف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله أو أصحاب الأئمة عليهم السلام. وهذا ما حثّنا عليه أئمتنا الأطهار عليهم الصلاة والسلام.
قال الإمام العسكري عليه السلام: «فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه، وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم، فإن من ركب من القبايح والفواحش مراكب علماء العامة، فلا تقبلوا منهم عنا شيئاً ولا كرامة، وإنما كثر التخليط فيما يتحمل عنا أهل البيت لذلك، لأن الفسقة يتحملون عنا، فيحرفونه بأسره لجهلهم، ويضعون الأشياء على غير وجهها لقلة معرفتهم، وآخرون يتعمدون الكذب علينا ليجرّوا من عرض الدنيا ما هو زادهم إلى نار جهنم, ومنهم قوم نصّاب لا يقدرون على القدح فينا، فيتعلمون بعض علومنا الصحيحة، فيتوجهون به عند شيعتنا، وينتقصون بنا عند نصّابنا، ثمّ يضيفون إليه أضعافه، وأضعاف أضعافه من الأكاذيب علينا التي نحن براء منها، فيتقبله المستسلمون من شيعتنا على انّه من علومنا، فضلّوا وأضلّوا، وهم (أي الفقهاء المنحرفون) أضرّ على ضعفاء شيعتنا من جيش يزيد على الحسين بن علي عليهما السلام وأصحابه».
المصدر : (وسائل الشيعة ج27 ص131 عن تفسير الإمام العسكري عليه السلام).

فتلاحظ أخي القارئ العزيز قول مولانا العسكري عليه السلام: «وذلك لا يكون إلا بعض فقهاء الشيعة لا كلهم» فهذه العبارة من الإمام تفيد بأنه لا يمكن أبداً أن يكون (جميع) من يدعي المرجعية والفقاهة صالحاً، بل فيهم الكذابون والضالون والناصبون والفسقة والراكبون للقبائح والفواحش شأنهم في هذا شأن علماء العامة، وهؤلاء أضرّ على الشيعة من جيش يزيد لعنه الله لأنهم عدو ينخر الجسد الشيعي من الداخل باسم التشيع وعباءته.

إذاً العلماء على صنفين :
عالمٌ رباني يسلك بك الطريق الحق ويوصلك للجنة.
وعالمٌ شيطاني يسلك بك الطريق الوعرة ثم يقذف بك في قعر جهنم!!
فالذين ركبوا مراكب العامة وأخذوا دينهم عن المتصوّفة  كالحلاج والبسطامي وابن عربي وغيرهم لا نقبل منهم شيئاً ولا كرامة.
إنّ انتساب عرفاء الشيعة لأهل البيت عليهم السلام لا يعطيهم الحق في تحريف العقيدة فمن كان من المنتحلين للتشيع والمنتسبين له ثم ينحرف إلى عقيدة أخرى يكون غضب الأئمة (عليهم السلام) عليه مضاعفاً وردة الفعل تجاهه منهم تكون شديدة!!

 وكنموذج على هذا الشلمغاني : وهو أبو جعفر محمد بن علي الشلمغاني, كان سفيراً بين الناس وبين السفير الثالث للإمام المهدي عليه السلام الحسين بن روح (رضوان الله عليه), فهذا يعني بأنّ الشلمغاني كان قد بلغ منزلة عظيمة ورفيعة تفوق مراجع التقليد في هذا الزمان .
جاء في تاريخ آل زرارة : وكان (أي الشلمغاني) مستقيماً لم يظهر منه ما ظهر منه من الكفر والإلحاد  (وحدة الموجود)، وكان الناس يقصدونه ويلقونه ، لأنه كان صاحب الشيخ أبى القاسم الحسين بن روح سفيراً بينهم وبينه في حوائجهم ومهماتهم....)
المصدر : تاريخ آل زرارة , أبو غالب الرازي, ص221.

وقال المحقق الخوئي (قدس سره) : (كان الرجل ثقة , وثبت انحرافه....)
المصدر: معجم رجال الحديث, المحقق الخوئي, ج17 ص335.

قال المحقق السبزواري : أبي جعفر الشلمغاني ...كان من قدماء الأصحاب وكان مستقيم الطريقة ثم تغير وظهر منه مقالات منكرة....)
المصدر: ذخيرة المعاد, السبزواري, ج1 ص175.

تأمل أخي القارئ الكريم في هذه النصوص جيداً فهي تبين لك بأنّ الشلمغاني كان من قدماء أصحاب الأئمة (عليهم السلام) وأنه كان مستقيماً وثقة وكان حلقة وصل بين الناس والسفير الثالث للإمام الحجة (عليه السلام)!
 وإلى اليوم يُعمل بأحاديثه التي رواها قبل انحرافه وهذا يُعد إنجازاً عظيماً له حيث أنه أوصل كلام المعصومين عليهم السلام إلينا, ومع هذا كله لم يمنع ذلك الإمام الحجة (عليه السلام) من لعنه والبراءة منه حينما انحرف!!

وهذا هو نص التوقيع الشريف الصادر عن الإمام الحجة (عيه السلام) للسفير الثالث في حقه:" أعرف أطال الله بقاءك ، وعرفك الخير كله ، وختم به عملك ، من تثق بدينه وتسكن إلى نيته من إخواننا أدام الله سعادتهم بأن محمد بن علي المعروف بالشلمغاني عجل الله له النقمة ولا أمهله ، قد ارتد عن الإسلام وفارقه وألحد في دين الله وادعى ما كفر معه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما عظيما ، كذب العادلون بالله وضلّوا ضلالا بعيدا ، وخسروا خسرانا مبينا ، وإنّا برئنا إلى الله تعالى وإلى رسوله وآله صلوات الله وسلامه ورحمته وبركاته عليهم منه ولعناه ، عليه لعائن الله تترا ، في الظاهر منا والباطن ، في السر والجهر وفي كل وقت وعلى كل حال ، وعلى من شايعه وتابعه وبلغه هذا القول منا فأقام على توليه بعده, وأعلمهم تولاكم الله أننا في التوقي والمحاذرة منه على مثل ما كانا عليه ممن تقدمه من نظرائه من الشريعي والنميري والهلالي والبلالي وغيرهم ، وعادة الله جل ثناؤه مع ذلك قبله وبعده عندنا جميلة ، وبه نثق وإياه نستعين ، وهو حسبنا في كل أمورنا ونعم الوكيل .
المصدر : الإحتجاج ,الطبرسي,ج2ص228-229.

هل لاحظت أخي القارئ الكريم ردة فعل الإمام الحجة عليه السلام تجاه المنحرف من الداخل الشيعي وكيف تبرأ منه ولعنه بأقسى وأشد العبارات؟!!

وهل تعرف عزيزي القارئ لماذا تبرأ منه الإمام الحجة عليه السلام ؟؟ ولماذا قال عنه : قد ارتد عن الإسلام وفارقه وألحد في دين الله وادعى ما كفر معه بالخالق جل وتعالى وافترى كذبا وزورا وقال بهتانا وإثما عظيما؟؟؟
يجيبك على هذا السؤال السفير الثالث للأمام الحجة عليه السلام حينما قال: هذا (الشلمغاني) كفر بالله تعالى , وإلحاد قد أحكمه هذا الرجل الملعون في قلوب هؤلاء القوم ليجعله طريقا إلى أن يقول لهم بأن الله اتحد به وحل فيه كما يقول النصارى في عيسى (عليه السلام) ويعدو إلى قول الحلاج لعنه الله......)
المصدر : كتاب الغيبة ,الطوسي, 249.

أقول : لقد  اعتنق الشلمغاني دين الحلاّج (وحدة الموجود) بقرينة قول السفير الثالث:  ويعدو إلى قول الحلاج لعنه الله......) فكان  (الشلمغاني) مستحقاً لكل هذا اللعن والبراءة من قبل الإمام الحجة عليه السلام.
لذلك نقول: ان كل من تطابقت عقيدته بعقيدة الحلاّج كان مشمولاً  بهذا اللعن من قِبَل الإمام الحجة عليه السلام ومن قبل سفيره الثالث الحسين بن روح (رضوان الله تعالى عليه) وكان مصيره كمصير  الشلمغاني حتى لو كان حسب الظاهر محسوباً على علماء الشيعة.
ومن الأدلة على اعتناق الشلمغاني ديانة وحدة الموجود ما ذكره هاشم معروف الحسيني في كتابه (بين التصوّف والتشيع) حيث قال : كان الشلمغاني يقول : الحق واحد وإنما تختلف قمصه فيوماً يكون أبيض ويوماً أسود ويوماً أصفر وإلى ذلك يرجع ابن عربي في تفسيره لوحدة الوجود.
المصدر: بين التصوف والتشيع, هاشم معروف الحسيني, ص264.

فالسبب الذي دعى الإمام الحجة عليه السلام إلى تكفير الشلمغاني ولعنه والبراءة منه هو اعتقاده بدين الحلاّج وابن عربي المتمثل في وحدة الموجود! إضافة إلى إدعائه النيابة!
وفي هذا الأمر يقول شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره) : كل هؤلاء المدعين (للسفارة) إنما يكون كذبهم أولاً على الإمام (الحجة) وإنهم وكلاؤه فيدعون الضعفة بهذا القول إلى موالاتهم ثم يترقى بهم القول إلى قول الحلاجية (أنا الحق) كما اشتهر من أبي جعفر الشلمغاني ونظرائه عليهم جميعاً لعاين الله تترى!!
المصدر : الغيبة , الطوسي , ص397 , الاثنا عشرية في الرد على الصوفية, الحر العاملي,ص179-180, بحار الأنوار , المجلسي,ج51 ص367.

أقول: أيضاً المراجع المزيفون المنحرفون اليوم ينّتحلون مقام النيابة عن الإمام الحجة عليه السلام كذباً وزوراً وهو مقام خاص بالمرجع الحق العادل ثم يروّجون هذا المعتقد الباطل كما فعل سلفهم الطالح الشلمغاني!! ويرددون قول الحلاّج (أنا الحق) ويختلقون له الأعذار!!

هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..